(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٢٣) وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (١٢٤)
____________________________________
لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) أى ما صح وما استقام لهم أن ينفروا جميعا لنحو غزو أو طلب علم كما لا يستقيم لهم أن* يتثبطوا جميعا فإن ذلك مخل بأمر المعاش (فَلَوْ لا نَفَرَ) فهلا نفر (مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ) أى طائفة كثيرة (مِنْهُمْ) * كأهل بلدة أو قبيلة عظيمة (طائِفَةٌ) أى جماعة قليلة (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) أى يتكلفوا الفقاهة فيه* ويتجشموا مشاق تحصيلها (وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ) أى وليجعلوا غاية سعيهم ومرمى غرضهم من ذلك إرشاد* القوم وإنذارهم (إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ) وتخصيصه بالذكر لأنه أهم وفيه دليل على أن التفقه فى الدين من فروض الكفاية وأن يكون غرض المتعلم الاستقامة والإقامة لا الترفع على العباد والتبسط فى البلاد كما* هو ديدن أبناء الزمان والله المستعان (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) إرادة أن يحذروا عما ينذرون واستدل به على أن أخبار الآحاد حجة لأن عموم كل فرقة يقتضى أن ينفر من كل ثلاثة تفردوا بقرية طائفة إلى النفقه لتنذر فرقتها كى يتذكروا ويحذروا فلو لم يعتبر الأخبار ما لم يتواتر لم يفد ذلك وقد قيل للآية وجه آخر وهو أن المؤمنين لما سمعوا ما نزل فى المتخلفين سارعوا إلى النفير رغبة ورهبة وانقطعوا عن التفقه فأمروا أن ينفر من كل فرقة طائفة إلى الجهاد ويبقى أعقابهم يتفقهون حتى لا ينقطع الفقه الذى هو الجهاد الأكبر لأن الجدال بالحجة هو الأصل والمقصود من البعثة فالضمير فى ليتفقهوا ولينذروا لبواقى الفرق بعد الطوائف النافرة للغزو وفى رجعوا للطوائف أى ولينذر البواقى قومهم النافرين إذا رجعوا إليهم بما حصلوا فى أيام غيبتهم من العلوم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) أمروا بقتال الأقرب منهم فالأقرب كما أمر صلىاللهعليهوسلم أولا بإنذار عشيرته فإن الأقرب أحق بالشفقة والاستصلاح قيل هم اليهود حوالى المدينة كبنى قريظة والنضير وخيبر وقيل الروم فإنهم كانوا يسكنون الشام وهو قريب من المدينة* بالنسبة إلى العراق وغيره (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) أى شدة وصبرا على القتال وقرىء بفتح الغين كسخطة* وبضمها وهما لغتان فيها (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) بالعصمة والنصرة والمراد بهم إما المخاطبون ووضع الظاهر موضع الضمير للتنصيص على أن الإيمان والقتال على الوجه المذكور من باب التقوى والشهادة بكونهم من زمرة المتقين وإما الجنس وهم داخلون فيه دخولا أوليا والمراد بالمعية الولاية الدائمة وقد ذكر وجه دخول مع على المتبوع فى قوله تعالى (إِنَّ اللهَ مَعَنا) (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) من سور* القرآن (فَمِنْهُمْ) أى من المنافقين (مَنْ يَقُولُ) لإخوانه ليثبتهم على النفاق أو لعوام المؤمنين وضعفتهم* ليصدهم عن الإيمان (أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ) السورة (إِيماناً) وقرىء بنصب أيكم على تقدير فعل يفسره المذكور