(إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(٦٠)
____________________________________
* (وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ) أى كفانا فضله وصنعه بنا وما قسمه لنا (سَيُؤْتِينَا اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ) بعد هذا* حسبما نرجو ونؤمل (إِنَّا إِلَى اللهِ راغِبُونَ) فى أن يخولنا فضله والآية بأسرها فى حيز الشرط والجواب محذوف بناء على ظهوره أى لكان خيرا لهم (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ) شروع فى تحقيق حقية ما صنعه الرسول صلىاللهعليهوسلم من القسمة ببيان المصارف ورد لمقالة القالة فى ذلك وحسم لأطماعهم الفارغة المبنية على زعمهم الفاسد* ببيان أنهم بمعزل من الاستحقاق أى جنس الصدقات المشتملة على الأنواع المختلفة (لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ) أى مخصوصة بهؤلاء الأصناف الثمانية الآتية لا تتجاوزهم إلى غيرهم كأنه قيل إنما هى لهم لا لغيرهم فما للذين لا علاقة بينها وبينهم يقولون فيها ما يقولون وما سوغهم أن يتكلموا فيها وفى قاسمها والفقير من له أدنى شىء والمسكين من لا شىء له هو المروى عن أبى حنيفة رضى الله عنه وقد قيل على العكس ولكل* منهما وجه يدل عليه (وَالْعامِلِينَ عَلَيْها) الساعين فى جمعها وتحصيلها (وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) هم أصناف فمنهم أشراف من العرب كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يستألفهم ليسلموا فيرضخ لهم ومنهم قوم أسلموا ونياتهم ضعيفة فيؤلف قلوبهم بإجزال العطاء كعيينة بن حصن والأقرع بن حابس والعباس بن مرداس ومنهم من يترقب بإعطائهم إسلام نظرائهم ولعل الصنف الأول كان يعطيهم الرسول صلىاللهعليهوسلم من خمس الخمس الذى هو خالص ماله وقد عد منهم من يؤلف قلبه بشىء منها على قتال الكفار ومانعى الزكاة وقد سقط سهم هؤلاء بالإجماع لما أن ذلك كان لتكثير سواد الإسلام فلما أعزه الله عز وعلا وأعلى كلمته استغنى عن ذلك* (وَفِي الرِّقابِ) أى وللصرف فى فك الرقاب بأن يعان المكاتبون بشىء منها على أداء نجومهم وقيل بأن يفدى الأسارى وقيل بأن يبتاع منها الرقاب فتعتق وأيا ما كان فالعدول عن اللام لعدم ذكرهم بعنوان مصحح للمالكية والاختصاص كالذين من قبلهم أو للإيذان بعدم قرار ملكهم فيما أعطوا كما فى الوجهين الأولين أو بعدم ثبوته رأسا كما فى الوجه الأخير أو للإشعار برسوخهم فى استحقاق الصدقة لما أن* فى للظرفية المنبئة عن إحاطتهم بها وكونهم محلها ومركزها (وَالْغارِمِينَ) أى الذين تداينوا لأنفسهم فى غير معصية إذا لم يكن لهم نصاب فاضل عن ديونهم وكذلك عند الشافعى رضى الله عنه من غرم لإصلاح ذات* البين وإطفاء الثائرة بين القبيلتين وإن كانوا أغنياء (وَفِي سَبِيلِ اللهِ) أى فقراء الغزاة والحجيج والمنقطع* بهم (وَابْنِ السَّبِيلِ) أى المسافر المنقطع عن ماله وتكرير الظرف فى الأخيرين للإيذان بزيادة فضلهما فى الاستحقاق أو لما ذكر من إيرادهما بعنوان غير مصحح للمالكية والاختصاص فهذه مصارف الصدقات فللمتصدق أن يدفع صدقته إلى كل واحد منهم وأن يقتصر على صنف منهم لأن اللام لبيان أنهم مصارف لا تخرج عنهم لا لإثبات الاستحقاق وقد روى ذلك عن عمر وابن عباس وحذيفة رضى الله* عنهم وعند الشافعى لا يجوز إلا أن يصرف إلى ثلاثة من تلك الأصناف (فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) مصدر مؤكد