(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٦) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٧)
____________________________________
بهذا الاسم لذكر الدنيا بما يقابله من كونها معرضا للآفات أو إلى دار الله تعالى وتخصيص الإضافة التشريفية بهذا الاسم الكريم للتنبيه على ذلك أو إلى دار يسلم الله أو الملائكة فيها على من يدخلها أو يسلم* بعضهم على بعض (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) هدايته منهم (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) موصل إليها وهو الإسلام والتزود بالتقوى وفى تعميم الدعوة وتخصيص الهداية بالمشيئة دليل على أن الأمر غير الإرادة وأن من أصر على الضلالة لم يرد الله رشده (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) أى أعمالهم أى عملوها على الوجه اللائق وهو حسنها الوصفى المستلزام لحسنها الذاتى وقد فسره رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقوله أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم* تكن تراه فإنه يراك (الْحُسْنى) أى المثوبة الحسنى (وَزِيادَةٌ) أى وما يزيد على تلك المثوبة تفضلا لقوله عز اسمه ويزيدهم من فضله وقيل الحسنى مثل حسناتهم والزيادة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وأكثر* وقيل الزيادة مغفرة من الله ورضوان وقيل الحسنى الجنة والزيادة اللقاء (وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ) أى* لا يغشاها (قَتَرٌ) غبرة فيها سواد (وَلا ذِلَّةٌ) أى أثر هوان وكسوف بال والمعنى لا يرهقهم ما يرهق أهل النار أولا يرهقهم ما يوجب ذلك من الحزن وسوء الحال والتنكير للتحقير أى شىء منهما والجملة مستأنفة لبيان أمنهم من المكاره إثر بيان فوزهم بالمطالب والثانى وإن اقتضى الأول إلا أنه ذكر إذكارا بما ينقذهم الله تعالى منه برحمته وتقديم المفعول على الفاعل للاهتمام ببيان أن المصون من الرهق أشرف أعضائهم وللتشويق إلى المؤخر فإن ما حقه التقديم إذا أخر تبقى النفس مترقبة لوروده فعند وروده عليها يتمكن عندها فضل تمكن ولأن فى الفاعل ضرب تفصيل كما فى قوله تعالى (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) * وقوله عزوجل (وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (أُولئِكَ) إشارة إلى المذكورين باعتبار اتصافهم بالصفات المذكورة وما فى اسم الإشارة من معنى البعد للإيذان بعلو درجتهم وسمو طبقتهم أى أولئك الموصوفون بما ذكر من النعوت الجميلة الفائزون بالمثوبات الناجون عن المكاره (أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) بلا زوال دائمون بلا انتقال (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ) أى الشرك* والمعاصى وهو مبتدأ بتقدير المضاف خبره قوله تعالى (جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها) أى جزاء الذين كسبوا السيئات أن يجازى سيئة واحدة بسيئة مثلها لا يزاد عليها كما يزاد فى الحسنة وتغيير السبك حيث لم يقل وللذين كسبوا السيئات السو أى لمراعاة ما بين الفريقين من كمال التنائى والتباين وإيراد الكسب للإيذان بأن ذلك إنما هو لسوء صنيعهم وبسبب جنايتهم على أنفسهم أو الموصول معطوف على الموصول الأول كأنه