(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) (٣١)
____________________________________
عاصية بسبب ما أسلفت من الشر فيكون ما منصوبة بنزع الخافض وقرىء تتلو أى تتبع لأن عملها هو الذى يهديها إلى طريق الجنة أو إلى طريق النار أو تقرأ فى صحيفة أعمالها ما قدمت من خير أو شر (وَرُدُّوا) الضمير للذين أشركوا على أنه معطوف على زيلنا وما عطف عليه قوله عزوجل (هُنالِكَ تَبْلُوا) * الخ اعتراض فى أثناء الحكاية مقرر لمضمونها (إِلَى اللهِ) أى إلى جزائه وعقابه (مَوْلاهُمُ) ربهم (الْحَقِّ) * أى المتحقق الصادق ربوبيته لا ما اتخذوه ربا باطلا وقرىء الحق بالنصب على المدح كقولهم الحمد لله أهل الحمد أو على المصدر المؤكد (وَضَلَّ عَنْهُمْ) وضاع أى ظهر ضياعه وضلاله لا أنه كان قبل ذلك غير ضال* أو ضل فى اعتقادهم أيضا (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) من أن آلهتهم تشفع لهم أو ما كانوا يدعون أنها آلهة هذا* وجعل الضمير فى ردوا للنفوس المدلول عليها بكل نفس على أنه معطوف على تبلو وأن العدول إلى الماضى للدلالة على التحقق والتقرر وأن إيثار صيغة الجمع للإيذان بأن ردهم إلى الله يكون على طريقة الاجتماع لا يلائمه التعرض لوصف الحقية فى قوله تعالى (مَوْلاهُمُ الْحَقِ) فإنه للتعريض بالمردودين حسبما أشير إليه ولئن اكتفى فيه بالتعريض ببعضهم أو حمل الحق على معنى العدل فى الثواب والعقاب فقوله عزوجل (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) مما لا مجال فيه للتدارك قطعا فإن ما فيه من الضمائر الثلاثة للمشركين فيلزم التفكيك حتما وتخصيص كل نفس بالنفوس المشركة مع عموم البلوى للكل يأباه مقام تهويل المقام والله تعالى أعلم (قُلْ) أى لأولئك المشركين الذين حكيت أحوالهم وبين ما يؤدى إليه أعمالهم احتجاجا على حقية التوحيد وبطلان ما هم عليه من الإشراك (مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) أى منهما جميعا فإن* الأرزاق تحصل بأسباب سماوية ومواد أرضية أو من كل واحدة منهما توسعة عليكم وقيل من لبيان كلمة من على حذف المضاف أى من أهل السماء والأرض (أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) أم منقطعة وما* فيها من كلمة بل للإضراب عن الاستفهام الأول لكن لا على طريقة الإبطال بل على وجه الانتقال وصرف الكلام عنه إلى استفهام آخر تنبيها على كفايته فيما هو المقصود أى من يستطيع خلقهما وتسويتهما على هذه الفطرة العجيبة أو من يحفظهما من الآفات مع كثرتها وسرعة انفعالهما من أدنى شىء يصيبهما (وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) أى ومن يحيى ويميت أو ومن ينشىء الحيوان من* النطفة والنطفة من الحيوان (وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) أى ومن يلى تدبير أمر العالم جميعا وهو تعميم بعد تخصيص* بعض ما اندرج تحته من الأمور الظاهرة بالذكر (فَسَيَقُولُونَ) بلا تلعثم ولا تأخير (اللهُ) إذ لا مجال* للمكابرة لغاية وضوحه والخبر محذوف أى الله يفعل ما ذكر من الأفاعيل لا غيره (فَقُلْ) عند ذلك* تبكيتا لهم (أَفَلا تَتَّقُونَ) الهمزة لإنكار عدم الاتقاء بمعنى إنكار الواقع كما فى أتضرب أباك لا بمعنى إنكار* الوقوع كما فى أأضرب أبى والفاء للعطف على مقدر ينسحب عليه النظم الكريم أى أتعلمون ذلك فلا تقون