(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٤٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٨) قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلاَّ ما شاءَ اللهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٤٩)
____________________________________
وقيل المذكور جواب للشرط الثانى كأنه قيل فإلينا مرجعهم فنريكه فى الآخرة وجواب الأول محذوف لظهوره أى فذاك (ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ) من الأفعال السيئة التى حكيت عنهم والمراد بالشهادة إما* مقتضاها ونتيجتها وهى معاقبته تعالى إياهم وإما إقامتها وأداؤها بإنطاق الجوارح وإظهار اسم الجلالة لادخال الروعة وتربية المهابة وتأكيد التهديد وقرىء ثمة أى هناك (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ) من الأمم الخالية (رَسُولٌ) يبعث إليهم بشريعة خاصة مناسبة لأحوالهم ليدعوهم إلى الحق (فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ) فبلغهم ما أرسل به* فكذبوه وخالفوه (قُضِيَ بَيْنَهُمْ) أى بين كل أمة ورسولها (بِالْقِسْطِ) بالعدل وحكم بنجاة الرسول* والمؤمنين به وهلاك المكذبين كقوله تعالى (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) فى ذلك* القضاء المستوجب لتذيبهم لأنه من نتائج أعمالهم أو ولكل أمة من الأمم يوم القيامة رسول تنسب إليه وتدعى به فإذا جاء رسولهم الموقف ليشهد عليهم بالكفر والإيمان كقوله عزوجل (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ) استعجالا لما وعدوا من العذاب على طريقة الاستهزاء به والإنكار حسبما يرشد إليه الجواب لا طلبا لتعيين وقت مجيئه على وجه الإلزام كما فى سورة الملك (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) * أى فى أنه يأتينا والخطاب للرسول صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين الذين يتلون عليهم الآيات المتضمنة للوعد المذكور وجواب الشرط محذوف اعتمادا على ما تقدم حسبما حذف فى مثل قوله تعالى (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فإن الاستعجال فى قوة الأمر بالإتيان عجلة كأنه قيل فليأتنا عجلة إن كنتم صادقين ولما فيه من الإشعار بكون إتيانه بواسطة النبى صلىاللهعليهوسلم قيل (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً) أى لا أقدر على شىء منهما بوجه من الوجوه وتقديم الضر لما أن مساق النظم لإظهار العجز عنه وأما ذكر النفع فلتوسيع الدائرة تكملة للعجز وما وقع فى سورة الأعراف من تقديم النفع للإشعار بأهميته والمقام مقامه والمعنى إنى لا أملك شيئا من شئونى ردا وإيرادا مع أن ذلك أقرب حصولا فكيف أملك شئونكم حتى أتسبب فى إتيان عذابكم الموعود (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) استثناء منقطع أى ولكن ما شاء الله كائنا وحمله على الاتصال* على معنى إلا ما شاء الله أن أملكه يأباه مقام التبرؤ من أن يكون له عليهالسلام دخل فى إتيان الوعد فإن ذلك يستدعى بيان كون المتنازع فيه مما لا يشاء الله أن يملكه عليهالسلام وجعل ما عبارة عن بعض الأحوال المعهودة المنوطة بالأفعال الاختيارية المفوضة إلى العباد على أن يكون المعنى لا أملك لنفسى شيئا من الضر والنفع إلا ما شاء الله أن أملكه منهما من الضر والنفع المترتبين على أفغالى الاختيارية كالضر