(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) (٥٠)
____________________________________
* والنفع المترتبين على الأكل والشرب عدما ووجودا تعسف ظاهر وقوله تعالى (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) بيان لما أيهم فى الاستثناء وتقييد لما فى القضاء السابق من الإطلاق المشعر بكون المقضى به أمرا منجزا غير متوقف على شىء غير مجىء الرسول وتكذيب الأمة أى لكل أمة أمة ممن قضى بينهم وبين رسولهم أجل* معين خاص بهم لا يتعدى إلى أمة أخرى مضروب لعذابهم يحل بهم عند حلوله (إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) إن جعل الأجل عبارة عن حد معين من الزمان فمعنى مجيئه ظاهر وإن أريد به ما امتد إليه من الزمان فمجيئه عبارة عن انقضائه إذ هناك يتحقق مجيئه بتمامه والضمير إن جعل للأمم المدلول عليها بكل أمة فإظهار الأجل مضافا إليه لإفادة المعنى المقصود الذى هو بلوغ كل أمة أجلها الخاص بها ومجيئه إياها بعينها من بين الأمم بواسطة اكتساب الأجل بالإضافة عموما يفيده معنى الجمعية كأنه قيل إذا جاءهم آجالهم بأن يجىء كل واحدة من تلك الأمم أجلها الخاص بها وإن جعل لكل أمة خاصة كما هو الظاهر فالإظهار فى موقع الإضمار لزيادة التقرير والإضافة إلى الضمير لإفادة كمال التعيين أى إذا جاءها أجلها الخاص بها* (فَلا يَسْتَأْخِرُونَ) عن ذلك الأجل (ساعَةً) أى شيئا قليلا من الزمان فإنها مثل فى غاية القلة منه أى* لا يتأخرون عنه أصلا وصيغة الاستفعال للإشعار بعجزهم عن ذلك مع طلبهم له (وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) أى لا يتقدمون عليه وهو عطف على يستأخرون لكن لا لبيان انتفاء التقدم مع إمكانه فى نفسه كالتأخر بل للمبالغة فى انتفاء التأخر بنظمه فى سلك المستحيل عقلا كما فى قوله سبحانه وتعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) فإن من مات كافرا مع ظهور أن لا توبة له رأسا قد نظم فى عدم قبول التوبة فى سلك من سوفها إلى حضور الموت إيذانا بتساوى وجود التوبة حينئذ وعدمها بالمرة كما مر فى سورة الأعراف وقد جوز أن يراد بمجىء الأجل دنوه بحيث يمكن التقدم فى الجملة كمجىء اليوم الذى ضرب لهلاكهم ساعة معينة منه لكن ليس فى تقييد عدم الاستئخار بدنوه مزيد فائدة وتقديم بيان انتفاء الاستئخار على بيان انتفاء الاستقدام لأن المقصود الأهم بيان عدم خلاصهم من العذاب ولو ساعة وذلك بالتأخر وأما ما فى قوله تعالى (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ) من سبق السبق فى الذكر فلما أن المراد هناك بيان سر تأخير عذابهم مع استحقاقهم له حسبما ينبىء عنه قوله عزوجل (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) فالأهم إذ ذاك بيان انتفاء السبق كما ذكر هناك (قُلْ) لهم غب ما بينت كيفية جريان سنة الله عزوجل فيما بين الأمم على الإطلاق ونبهتهم على أن عذابهم أمر مقرر محتوم لا يتوقف إلا على مجىء أجله المعلوم إيذانا بكمال دنوه وتنزيلا له منزلة إتيانه* حقيقة (أَرَأَيْتُمْ) أى أخبرونى (إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ) الذى تستعجلون به (بَياتاً) أى وقت بيات واشتغال بالنوم* (أَوْ نَهاراً) أى عند اشتغالكم بمشاغلكم حسبما عين لكم من الأجل بمقتضى المشيئة التابعة للحكمة كما عين* لسائر الأمم المهلكة وقوله عزوجل (ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) جواب للشرط بحذف الفاء كما فى قولك إن أتيتك ماذا تطعمنى والمجرمون موضوع موضع المضمر لتأكيد الإنكار ببيان مباينة حالهم