(أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (٥١) ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) (٥٢)
____________________________________
للاستعجال فإن حق المجرم أن يهلك فزعا من إتيان العذاب فضلا عن استعجاله والجملة الشرطية متعلقة بأرأيتم والمعنى أخبرونى إن أتاكم عذابه تعالى أى شىء تستعجلون منه سبحانه والشىء لا يمكن استعجاله بعد إتيانه والمراد به المبالغه فى إنكار استعجاله بإخراجه من حيز الإمكان وتنزيله فى الاستحالة منزلة استعجاله بعد إتيانه بناء على تنزيل تقرر إتيانه ودنوه منزلة إتيانه حقيقة كما أشير إليه وهذا الإنكار بمنزلة النهى فى قوله عز وعلا أتى أمر الله فلا تستعجلوه خلا أن التنزيل هناك صريح وهنا ضمى كما فى قول من قال لغريمه الذى يتقضاه حقه أرأيت إن أعطيتك حقك فماذا تطلب منى يريد المبالغة فى إنكار التقاضى بنظمه فى سلك التقاضى بعد الإعطاء بناء على تنزيل تقرره منزلة نفسه وقوله عزوجل (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ) إنكار لإيمانهم بنزول العذاب بعد وقوعه حقيقة داخل مع ما قبله من إنكار استعجالهم به بعد إتيانه حكما تحت القول المأمور به أى أبعد ما وقع العذاب وحل بكم حقيقة آمنتم به حين لا ينفعكم الإيمان إنكارا لتأخيره إلى هذا الحد وإيذانا باستتباعه للندم والحسرة ليقلعوا عما هم عليه من العناد ويتوجهوا نحو التدارك قبل فوت الوقت فتقديم الظرف للقصر وقيل ماذا يستعجل منه متعلق بأرأيتم وجواب الشرط محذوف أى تندموا على الاستعجال أو تعرفوا خطأه والشرطية اعتراض مقرر لمضمون الاستخبار وقيل الجواب قوله تعالى أثم إذا ما وقع الخ والاستفهامية الأولى اعتراض والمعنى أخبرونى إن أتاكم عذابه آمنتم به بعد وقوعه حين لا ينفعكم الإيمان ثم جىء بكلمة التراخى دلالة على الاستبعاد ثم زيد أداة الشرط دلالة على استقلاله بالاستبعاد وعلى أن الأول كالتمهيد له وجىء بإذا مؤكدا بما ترشيحا لمعنى الوقوع وزيادة للتجهيل وأنهم لم يؤمنوا إلا بعد أن لم ينفعهم الإيمان البتة وقوله تعالى (آلْآنَ) استئناف من جهته تعالى غير داخل تحت القول* الملقن مسوق لتقرير مضمون ما سبق على إرادة القول أى قيل لهم عند إيمانهم بعد وقوع العذاب آلآن آمنتم به إنكارا للتأخير وتوبيخا عليه ببيان أنه لم يكن ذلك لعدم سبق الإنذار به ولا للتأمل والتدبر فى شأنه ولا لشىء آخر مما عسى يعد عذرا فى التأخير بل كان ذلك على طريق التكذيب والاستعجال به على وجه الاستهزاء وقرىء آلان بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام وقوله تعالى (وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) أى تكذيبا* واستهزاء جملة وقعت حالا من فاعل آمنتم المقدر لتشديد التوبيخ والتقريع وزيادة التنديم والتحسير وتقديم الجار والمجرور على الفعل لمراعاة الفواصل دون القصر وقوله تعالى (ثُمَّ قِيلَ) الخ تأكيد للتوبيخ والعتاب بوعيد العذاب والعقاب وهو عطف على ما قدر قبل آلآن (لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) أى وضعوا الكفر والتكذيب* موضع الإيمان والتصديق أو ظلموا أنفسهم بتعريضها للعذاب والهلاك ووضع الموصول موضع الضمير لذمهم بما فى حيز الصلة والإشعار بعليته لإصابة ما أصابهم (ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ) المؤلم على الدوام (هَلْ تُجْزَوْنَ) اليوم (إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) فى الدنيا من أصناف الكفر والمعاصى التى من جملتها ما مر من*