(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢٥)
____________________________________
عمى عما جاء به محمد لا نسمعه ولا نجيبه قاتلهم الله تعالى فقتلوا جميعا بأحد وكانوا أصحاب اللواء وعن ابن جريج أنهم المنافقون وعن الحسن رضى الله عنه أنهم أهل الكتاب (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) تكرير النداء مع وصفهم بنعت الإيمان لتنشيطهم إلى الإقبال على الامتثال بما يرد بعده من الأوامر وتنبيههم على أن* فيهم ما يوجب ذلك (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) بحسن الطاعة (إِذا دَعاكُمْ) أى الرسول إذ هو المباشر* لدعوة الله تعالى (لِما يُحْيِيكُمْ) من العلوم الدينية التى هى مناط الحياة الأبدية كما أن الجهل مدار الموت الحقيقى أو هى ماء حياة القلب كما أن الجهل موجب موته وقيل لمجاهدة الكفار لأنهم لو رفضوها لغلبوهم وقتلوهم كما فى قوله تعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ). روى أنه صلىاللهعليهوسلم مر على أبى بن كعب وهو يصلى فدعاه فعجل فى صلاته ثم جاء فقال صلىاللهعليهوسلم ما منعك من إجابتى قال كنت فى الصلاة قال ألم تخبر فيما أوحى إلى استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم الخ واختلف فيه فقيل هذا من خصائص دعائه صلىاللهعليهوسلم وقيل لأن إجابته صلىاللهعليهوسلم لا تقطع الصلاة وقيل كان ذلك الدعاء لأمر مهم لا يحتمل التأخير وللمصلى أن يقطع الصلاة لمثله* (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) تمثيل لغاية قربه تعالى من العبد كقوله تعالى (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) وتنبيه على أنه تعالى مطلع من مكنونات القلوب على ما عسى يغفل عنه صاحبها أو حث على المبادرة إلى إخلاص القلوب وتصفيتها قبل إدراك المنية فإنها حائلة بين المرء وقلبه أو تصوير وتخييل لتملكه على العبد قلبه بحيث يفسخ عزائمه ويغير نياته ومقاصده ويحول بينه وبين الكفر إن أراد سعادته ويبدله بالأمن خوفا وبالذكر نسيانا وما أشبه ذلك من الأمور المعترضة المفوتة للفرصة وقرىء بين المر* بتشديد الراء على حذف الهمزة وإلقاء حركتها على الراء وإجراء الوصل مجرى الوقف (وَأَنَّهُ) أى الله* عزوجل أو الشأن (إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) لا إلى غيره فيجازيكم بحسب مراتب أعمالكم فسارعوا إلى طاعته تعالى وطاعة رسوله وبالغوا فى الاستجابة لهما (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) أى لا تختص إصابتها بمن يباشر الظلم منكم بل يعمه وغيره كإقرار المنكر بين أظهرهم والمداهنة فى الأمر والنهى عن المنكر وافتراق الكلمة وظهور البدع والتكاسل فى الجهاد على أن قوله لا تصيبن الخ إما جواب الأمر على معنى إن أصابتكم لا تصيبن الخ وفيه أن جواب الشرط متردد فلا يليق به النون المؤكدة لكنه لما تضمن معنى النهى ساغ فيه كقوله تعالى (ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ) وإما صفة لفتنة ولا للنفى وفيه شذوذ لأن النون لا تدخل المنفى فى غير القسم أو للنهى على إرادة القول كقول من قال[حتى إذا جن الظلام واختلط * جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط] وإما جواب قسم محذوف كقراءة من قرأ لتصيبن وإن اختلف المعنى فيهما وقد جوز أن يكون نهيا عن التعرض للظلم بعد الأمر باتقاء الذنب فإن