(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ) (٧)
____________________________________
باعتبار حالتها الأخيرة لرعاية المناسبة بينها وبين عنوان كونها دابة فى الأرض والمعنى وما من دابة فى الأرض إلا يرزقها الله تعالى حيث كانت من أماكنها يسوقه إليها ويعلم موادها المتخالفة المندرجة فى مراتب الاستعدادات المتفاوتة المتطورة فى الأطوار المتباينة ومقارها المتنوعة ويفيض عليها فى كل مرتبة ما يليق بها من مبادى وجودها وكمالاتها المتفرعة عليه وقد فسر المستودع بأماكنها فى الممات ولا يلائمه مقام التكفل بأرزاقها (كُلٌّ) من الدواب ورزقها ومستقرها ومستودعها (فِي كِتابٍ مُبِينٍ) أى* مثبت فى اللوح المحفوظ البين لمن ينظر فيه من الملائكة عليهمالسلام أو المظهر لما أثبت فيه للناظرين ولما انتهى الأمر إلى أنه سبحانه محيط بجميع أحوال ما فى الأرض من المخلوقات التى لا تكاد تحصى من مبدأ فطرتها إلى منتهاها اقتضى الحال التعرض لمبدأ خلق السموات والأرض والحكمة الداعية إلى ذلك فقيل (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) السموات فى يومين والأرض فى يومين وما ٧ عليها من أنواع الحيوانات والنبات وغير ذلك فى يومين حسبما فصل فى سورة حم السجدة ولم يذكر خلق ما فى الأرض لكونه من تتمات خلقها وهو السر فى جعل الزمان خلقه تتمة لزمان خلقها فى قوله تعالى فى أربعة أيام فى تتمة أربعة أيام والمراد بالأيام الأوقات كما فى قوله تعالى (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) أى فى ستة أوقات أو مقدار ستة أيام فإن اليوم فى المتعارف زمان كون الشمس فوق الأرض ولا يتصور ذلك حين لا أرض ولا سماء وفى خلقها مدرجا مع القدرة التامة على خلقها دفعة دليل على أنه قادر مختار واعتبار؟؟؟ النظار وحث على التأنى فى الأمور وأما تخصيص ذلك بالعدد المعين فأمر استأثر بعلم ما يقتضيه علام الغيوب جلت حكمته وإيثار صيغة الجمع فى السموات لما هو المشهور من الإشارة إلى كونها أجراما مختلفة الطبائع ومتفاوتة الآثار والأحكام (وَكانَ عَرْشُهُ) قبل خلقهما (عَلَى الْماءِ) * ليس تحته شىء غيره سواء كان بينهما فرجة أو كان موضوعا على متنه كما ورد فى الأثر فلا دلالة فيه على إمكان الخلاء كيف لا ولو دل لدل على وجوده لا على إمكانه فقط ولا على كون الماء أول ما حدث فى العالم بعد العرش وإنما يدل على أن خلقهما أقدم من خلق السموات والأرض من غير تعرض للنسبة بينهما (لِيَبْلُوَكُمْ) متعلق بخلق أى خلق السموات والأرض وما فيهما من المخلوقات التى من جملتها أنتم ورتب* فيهما جميع ما تحتاجون إليه من مبادى وجودكم وأسباب معايشكم وأودع فى تضاعيفهما من تعاجيب الصائع والعبر ما تستدلون به على مطالبكم الدينية ليعاملكم معاملة من يبتليكم (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) فيجازيكم* بالثواب والعقاب غب ما تبين المحسن من المسىء وامتازت درجات أفراد كل من الفريقين حسب امتياز طبقات علومهم واعتقاداتهم المترتبة على أنظارهم فيما نصب من الحجج والدلائل والإمارات والمخايل ومراتب أعمالهم المتفرعة على ذلك فإن العمل غير مختص بعمل الجوارح ولذلك فسره صلىاللهعليهوسلم بقوله أيكم