(وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللهَ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (٤٨) إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٤٩)
____________________________________
بطرا إن جعل مصدرا فى موضع الحال وكذا إن جعل مفعولا له لكن على تأويل المصدر (وَاللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) فيجازيهم عليه (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) منصوب بمضمر خوطب به النبى صلىاللهعليهوسلم بطريق التلوين أى واذكر وقت تزيين الشيطان أعمالهم فى معاداة المؤمنين وغيرها بأن وسوس إليهم* (وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ) أى ألقى فى روعهم وخيل إليهم أنهم لا يغلبون ولا يطاقون لكثرة عددهم وعددهم وأوهمهم أن اتباعهم إياه فيما يظنون أنها قربات مجير لهم حتى قالوا اللهم انصر إحدى الفئتين وأفضل الدينين ولكم خبر لا غالب أو صفته وليس صلته وإلا لانتصب كقولك* لا ضاربا زيدا عندنا (فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ) أى تلاقى الفريقان (نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ) رجع القهقرى أى* بطل كيده وعاد ما خيل إليهم أنه مجيرهم سببا لهلاكهم (وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللهَ) أى تبرأ منهم وخاف عليهم ويئس من حالهم لما رأى إمداد الله تعالى للمسلمين بالملائكة وقيل لما اجتمعت قريش على المسير ذكرت ما بينهم وبين كنانة من الأحنة فكاد ذلك يثنيهم فتمثل لهم إبليس فى صورة سرافة بن مالك الكنانى وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى مجيركم من كنانة فلما رأى الملائكة تنزل نكص وكان يده فى يد الحرث بن هشام فقال له إلى أين أتخذ لنا فى هذه الحالة فقال إنى أرى ما لا ترون ودفع فى صدر الحرث وانطلق فانهزموا فلما بلغوا مكة قالوا هزم الناس سراقة فبلغه ذلك فقال والله ما شعرت بمسيركم حتى بلغتنى هزيمتكم فلما أسلموا علموا أنه الشيطان وعلى هذا يحتمل أن يكون معنى قوله (إِنِّي أَخافُ اللهَ) أخافه أن يصيبنى بمكروه من الملائكة أو يهلكنى ويكون* الوقت هو الوقت الموعود إذ رأى فيه ما لم يره قبله والأول ما قاله الحسن واختاره ابن بحر (وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) يجوز أن يكون من كلامه أو مستأنفا من جهة الله عزوجل (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ) * منصوب بزين أو بنكص أو بشديد العقاب (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أى الذين لم تطمئن قلوبهم بالإيمان بعد وبقى فيها نوع شبهة وقيل هم المشركون وقيل هم المنافقون فى المدينة والعطف لتغاير* الوصفين كما فى قوله[يا لهف زيابة للحارث * الصابح فالغانم فالآيب] (غَرَّ هؤُلاءِ) يعنون المؤمنين* (دِينُهُمْ) حتى تعرضوا لما لا طاقة لهم به فخرجوا وهم ثلثمائة وبضعة عشر إلى زهاء ألف (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) جواب لهم من جهته تعالى ورد لمقالتهم (فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) غالب لا يذل من توكل