(وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٥٠) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٥١) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٥٢)
____________________________________
عليه واستجاربه وإن قل (حَكِيمٌ) يفعل بحكمته البالغة ما تستبعده العقول وتحار فى فهمه ألباب الفحول* وجواب الشرط محذوف لدلالة المذكور عليه (وَلَوْ تَرى) أى ولو رأيت فإن لو الامتناعية ترد المضارع ماضيا كما أن إن ترد الماضى مضارعا والخطاب إما لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أو لكل أحد ممن له حظ من الخطاب وقد مر تحقيقه فى قوله تعالى (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) وكلمة إذ فى قوله تعالى (إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ) ظرف لترى والمفعول محذوف أى ولو ترى الكفرة أو حال الكفرة حين يتوفاهم الملائكة ببدر وتقديم المفعول للاهتمام به وقيل الفاعل ضمير عائد إلى الله عزوجل و (الْمَلائِكَةُ) مبتدأ وقوله تعالى (يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ) خبره والجملة حال من الموصول قد استغنى فيها بالضمير عن الواو وهو على الأول* حال منه أو من الملائكة أو منهما لاشتماله على ضميريهما (وَأَدْبارَهُمْ) أى وأستاههم أو ما أقبل منهم وما أدبر من الأعضاء (وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) على إرادة القول معطوفا على (يَضْرِبُونَ) أو حالا من فاعله* أى ويقولون أو قائلين ذوقوا بشارة لهم بعذاب الآخرة وقيل كانت معهم مقامع من حديد كلما ضربوا التهبت النار منها وجواب لو محذوف للإيذان بخروجه عن حدود البيان أى لرأيت أمرا فظيعا لا يكاد يوصف (ذلِكَ) إشارة إلى ما ذكر من الضرب والعذاب وما فيه من معنى البعد للإشعار بكونهما فى الغاية القاصية من الهول والفظاعة وهو مبتدأ خبره (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) أى ذلك الضرب والعذاب واقع* بسبب ما كسبتم من الكفر والمعاصى ومحل أن فى قوله (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) الرفع على أنه خبر* مبتدأ محذوف أى والأمر أنه تعالى ليس بمعذب لعبيده بغير ذنب من قبلهم والتعبير عن ذلك بنفى الظلم مع أن تعذيبهم بغير ذنب ليس بظلم قطعا على ما تقرر من قاعدة أهل السنة فضلا عن كونه ظلما بالغا قد مر تحقيقه فى سورة آل عمران والجملة اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبلها وأما ما قيل من أنها معطوفة على ما للدلالة على أن سببيته مقيدة بانضمامه إليه إذ لولاه لأمكن أن يعذبهم بغير ذنوبهم فليس بسديد لما أن إمكان تعذيبه تعالى لعبيده بغير ذنب بل وقوعه لا ينافى كون تعذيب هؤلاء الكفرة المعينة بسبب ذنوبهم حتى يحتاج إلى اعتبار عدمه معه نعم لو كان المدعى كون جميع تعذيباته تعالى بسبب ذنوب المعذبين لاحتيج إلى ذلك (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) فى محل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف والجملة استئناف مسوق لبيان أن ما حل بهم من العذاب بسبب كفرهم لا بشىء آخر من جهة غيرهم بتشبيه حالهم بحال