(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ) (٥٤)
____________________________________
الصلاح بالنسبة إلى الحادثة كدأب هؤلاء الكفرة حيث كانوا قبل البعثة كفرة عبدة أصنام مستمرين على حالة مصححة لإفاضة نعمة الإمهال وسائر النعم الدنيوية عليهم فلما بعث إليهم النبى صلىاللهعليهوسلم بالبينات غيروها إلى أسوأ منها وأسخط حيث كذبوه صلىاللهعليهوسلم وعادوه ومن تبعه من المؤمنين وتحزبوا عليهم يبغونهم الغوائل فغير الله تعالى ما أنعم به عليهم من نعمة الإمهال وعاجلهم بالعذاب والنكال وأصل يك يكن فحذفت النون تخفيفا لشبهها بالحروف اللينة (وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) عطف على أن الله الخ داخل معه فى* حيز التعليل أى وبسبب أنه تعالى سميع عليم يسمع ويعلم جميع ما يأتون وما يذرون من الأقوال والأفعال السابقة واللاحقة فيرتب على كل منها ما يليق بها من إبقاء النعمة وتغييرها وقرىء وإن الله بكسر الهمزة فالجملة حينئذ استئناف مقرر لمضمون ما قبلها وقوله تعالى (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) فى محل النصب على أنه نعت لمصدر محذوف أى حتى يغيروا ما بأنفسهم تغييرا كائنا كدأب آل فرعون أى كتغييرهم على أن دأبهم عبارة عما فعلوه فقط كما هو الأنسب بمفهوم الدأب وقوله تعالى (كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) * تفسير له بتمامه وقوله تعالى (فَأَهْلَكْناهُمْ) إخبار بترتب العقوبة عليه لا أنه من تمام تفسيره ولا ضير* فى توسط قوله تعالى (وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) بينهما كما مر نظيره فى سورة آل عمران حيث جوزوا انتصاب محل الكاف بلن تغنى مع ما بينهما من قوله تعالى (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) وهذا على تقدير عطف الجملة على ما قبلها وأما على تقدير كونها اعتراضا فلا غبار فى توسطها قطعا وقيل فى محل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف كما قبله فالجملة حينئذ استئناف آخر مسوق لتقرير ما سيق له الاستئناف الأول بتشبيه دأبهم بدأب المذكورين لكن لا بطريق التكرير المحض بل بتغيير العنوان وجعل الدأب فى الجانبين عبارة عما يلازم معناه الأول من تغيير الحال وتغيير النعمة أخذا مما نطق به قوله تعالى (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً) الآية أى دأب هؤلاء وشأنهم الذى هو عبارة عن التغييرين المذكورين كدأب أولئك حيث غيروا حالهم فغير الله تعالى نعمته عليهم فقوله تعالى (كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ) تفسير لدأبهم الذى فعلوه من تغييرهم لحالهم وقوله تعالى (فَأَهْلَكْناهُمْ) تفسير لدأبهم الذى فعل بهم من تغييره تعالى ما بهم من نعمته وأما دأب قريش فمستفاد منه بحكم التشبيه فلله در شأن التنزيل حيث اكتفى فى كل من التشبيهين بتفسير أحد الطرفين وإضافة الآيات إلى الرب المضاف إلى ضميرهم لزيادة تقبيح ما فعلوا بها من التكذيب والالتفات إلى نون العظمة فى أهلكنا جريا على سنن الكبرياء لتهويل الخطب والكلام فى الفاء وفى قوله تعالى (بِذُنُوبِهِمْ) كالذى مر وعطف قوله* تعالى (وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ) على أهلكنا مع اندراجه تحته للإيذان بكمال هول الإغراق وفظاعته كعطف جبريل عليهالسلام على الملائكة (وَكُلٌّ) أى وكل من الفرق المذكورين أو كل من هؤلاء وأولئك* أو كل من غرقى القبط وقتلى قريش (كانُوا ظالِمِينَ) أى أنفسهم بالكفر والمعاصى حيث عرضوها للهلاك*