(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ (٧٣) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٧٤) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٧٥)
____________________________________
وإما مبتدأ ثان وأولياء بعض خبره والجملة خبر للمبتدأ الأول أى بعضهم أولياء بعض فى الميراث وقد كان المهاجرون والأنصار يتوارثون بالهجرة والنصرة دون الأقارب حتى نسخ بقوله تعالى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ) الآية وقيل فى النصرة والمظاهرة ويرده قوله تعالى (فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) بعد نفى موالاتهم (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا) كسائر المؤمنين (ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) أى من توليهم فى الميراث وإن كانوا من* أقرب أقاربكم (حَتَّى يُهاجِرُوا) وقرىء بكسر الواو تشبيها بالعمل والصناعة كالكتابة والإمارة (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) فواجب عليكم أن تنصروهم على المشركين (إِلَّا عَلى قَوْمٍ) منهم* (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) معاهدة فإنه لا يجوز نقض عهدهم بنصرهم عليهم (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فلا تخالفوا أمره كيلا يحل بكم عقابه (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) آخر منهم فى الميراث أو فى الموازرة وهذا بمفهومه مفيد لنفى الموارثة والموازرة بينهم وبين المسلمين وإيجاب المباعدة والمصارمة* وإن كانوا أقارب (إِلَّا تَفْعَلُوهُ) أى ما أمرتم به من التواصل بينكم وتولى بعضكم بعضا حتى التوارث* ومن قطع العلائق بينكم وبين الكفار (تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ) أى تحصل فتنة عظيمة فيها وهى ضعف الإيمان وظهور الكفر (وَفَسادٌ كَبِيرٌ) فى الدارين وقرىء كثير (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) كلام مسوق للثناء عليهم والشهادة لهم بفوزهم* بالقدح المعلى من الإيمان مع الوعد الكريم بقوله تعالى (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) لا تبعة له ولا منة فيه فلا تكرار لما أن مساق الأول لإيجاب التواصل بينهم (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا) بعد هجرتكم* (وَجاهَدُوا مَعَكُمْ) فى بعض مغازيكم (فَأُولئِكَ مِنْكُمْ) أى من جملتكم أيها المهاجرون والأنصار وهم الذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ألحقهم الله تعالى بالسابقين وجعلهم منهم تفضلا منه وترغيبا فى الإيمان والهجرة وفى توجيه الخطاب إليهم بطريق الالتفات من* تشريفهم ورفع محلهم ما لا يخفى (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) آخر منهم فى التوارث من الأجانب* (فِي كِتابِ اللهِ) أى فى حكمه أو فى اللوح أو فى القرآن واستدل به على توريث ذوى الأرحام (إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ومن جملته ما فى تعليق التوارث بالقرابة الدينية أولا وبالقرابة النسبية آخرا من الحكم البالغة. عن النبى صلىاللهعليهوسلم من قرأ سورة الأنفال وبراءة فأنا شفيع له يوم القيامة وشاهد أنه برىء من