(وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٧١) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٧٢)
____________________________________
وقرىء من الأسارى (إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً) خلوص إيمان وصحة نية (يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ) * من الفداء وقرىء أخذ على البناء للفاعل. روى أنها نزلت فى العباس كلفه رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يفدى ابنى أخيه عقيل بن أبى طالب ونوفل بن الحرث فقال يا محمد تركتنى أتكفف قريشا ما بقيت فقال له صلىاللهعليهوسلم فأين الذهب الذى دفعته إلى أم الفضل وقت خروجك من مكة وقلت لها ما أدرى ما يصيبنى فى وجهى هذا فإن حدث بى حدث فهو لك ولعبد الله وعبيد الله والفضل فقال العباس ما يدريك فقال أخبرنى به ربى قال العباس فأنا أشهد أنك صادق وأن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله والله لم يطلع عليه أحد إلا الله ولقد دفعته إليها فى سواد الليل ولقد كنت مرتابا فى أمرك فأما إذا أخبرتنى بذلك فلا ريب قال العباس بعد حين فأبدلنى الله خيرا من ذلك لى الآن عشرون عبدا وإن أدناهم ليضرب فى عشرين ألفا وأعطانى زمزم ما أحب أن لى بها جميع أموال أهل مكة وأنا أنتظر المغفرة من ربى يتأول به ما فى قوله تعالى (وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فإنه وعد بالمغفر مؤكد بما بعده من الاعتراض التذييلى (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ) أى نكث ما بايعوك عليه من الإسلام وهذا كلام مسوق من جهته تعالى لتسليته صلىاللهعليهوسلم بطريق الوعد له والوعيد لهم (فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) بكفرهم ونقض ما أخذ على كل عاقل من ميثاقه (فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ) أى* أقدرك عليهم حسبما رأيت يوم بدر فإن أعادوا الخيانة فاعلم أنه سيمكنك منهم أيضا وقيل المراد بالخيانة منع ما ضمنوا من الفداء وهو بعيد (وَاللهُ عَلِيمٌ) فيعلم ما فى نياتهم وما يستحقونه من العقاب (حَكِيمٌ) يفعل* كل ما يفعله حسبما تقتضيه حكمته البالغة (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا) هم المهاجرون هاجروا أوطانهم حبا لله تعالى ولرسوله (وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ) بأن صرفوها إلى الكراع والسلاح وأنفقوها على المحاويج* (وَأَنْفُسِهِمْ) بمباشرة القتال واقتحام المعارك والخوض فى المهالك (فِي سَبِيلِ اللهِ) متعلق بجاهدوا قيد* لنوعى الجهاد ولعل تقديم الأموال على الأنفس لما أن المجاهدة بالأموال أكثر وقوعا وأتم دفعا للحاجة حيث لا يتصور المجاهدة بالنفس بلا مجاهدة بالمال (وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا) هم الأنصار آووا المهاجرين* وأنزلوهم منازلهم وبذلوا إليهم أموالهم وآثروهم على أنفسهم ولو كانت بهم خصاصة ونصروهم على أعدائهم (أُولئِكَ) إشارة إلى الموصوفين بما ذكر من النعوت الفاضلة وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو طبقتهم* وبعد منزلتهم فى الفضيلة وهو مبتدأ وقوله تعالى (بَعْضُهُمْ) إما بدل منه وقوله تعالى (أَوْلِياءُ بَعْضٍ) خبره*