(قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ (٥٣) وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ (٥٤) فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٥٥) وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ) (٥٦)
____________________________________
* كما أصاب من قبلكم من الأمم المهلكة والظرف صفة عذاب ولذلك حذف عامله وجوبا (أَوْ) بعذاب* (بِأَيْدِينا) وهو القتل على الكفر (فَتَرَبَّصُوا) الفاء فصيحة أى إذا كان الأمر كذلك فتربصوا بنا ما هو* عاقبتنا (إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) ما هو عاقبتكم فإذا لقى كل منا ومنكم ما يتربصه لا تشاهدون إلا ما يسرنا ولا نشاهد إلا ما يسوؤكم (قُلْ أَنْفِقُوا) أموالكم فى سبيل الله (طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) مصدران وقعا موقع الفاعل أى طائعين أو كارهين وهو أمر فى معنى الخبر كقوله تعالى (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) والمعنى أنفقتم* طوعا أو كرها (لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ) ونظم الكلام فى سلك الأمر للمبالغة فى بيان تساوى الأمرين فى عدم القبول كأنهم أمروا بأن يمتحنوا الحال فينفقوا على الحالين فينظروا هل يتقبل منهم فيشاهدوا عدم القبول وهو جواب قول جد بن قيس ولكن أعينك بمالى ونفى التقبل يحتمل أن يكون بمعنى عدم الأخذ منهم* وأن يكون بمعنى عدم الإثابة عليه وقوله عزوجل (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ) أى عاتين متمردين تعليل لرد إنفاقهم (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ) وقرىء بالتحتانية (نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ) استثناء من أعم الأشياء أى ما منعهم قبول نفقاتهم منهم شىء من الأشياء إلا كفرهم وقرىء يقبل على البناء للفاعل* وهو الله تعالى (وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى) أى لا يأتونها فى حال من الأحوال إلا حال كونهم* متثاقلين (وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ) لأنهم لا يرجون بهما ثوابا ولا يخافون على تركهما عقابا فقوله تعالى طوعا أى من غير إلزام من جهته صلىاللهعليهوسلم لا رغبة أو هو فرضى لتوسيع الدائرة (فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ) فإن ذلك استدراج لهم ووبال عليهم حسبما ينبىء عنه قوله عزوجل (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) بما يكابدون لجمعها وحفظها من المتاعب وما يقاسون فيها من الشدائد والمصائب* (وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ) فيموتوا كافرين مشتغلين بالتمتع عن النظر فى العاقبة فيكون ذلك لهم نقمة لا نعمة وأصل الزهوق الخروج بصعوبة (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ) فى الدين والإسلام (وَما هُمْ مِنْكُمْ) * فى ذلك (وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ) يخافون أن يفعل بهم ما يفعل بالمشركين فيظهرون الإسلام تقية ويؤيدونه