(قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ ما كَتَبَ اللهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) (٥٢)
____________________________________
أى تورثهم مساءة لفرط حسدهم وعداوتهم لك (وَإِنْ تُصِبْكَ) فى بعضها (مُصِيبَةٌ) من نوع شدة* (يَقُولُوا) متبجحين بما صنعوا حامدين لآرائهم (قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا) أى تلافينا ما يهمنا من الأمر يعنون* به الاعتزال عن المسلمين والقعود عن الحرب والمداراة مع الكفرة وغير ذلك من أمور الكفر والنفاق قولا وفعلا (مِنْ قَبْلُ) أى من قبل إصابة المصيبة فى وقت تداركه يشيرون بذلك إلى أن المعاملة المذكورة* إنما تروج عند الكفرة بوقوعها حال قوة الإسلام لا بعد إصابة المصيبة (وَيَتَوَلَّوْا) عن مجلس الاجتماع* والتحدث إلى أهاليهم أو يعرضوا عن النبى صلىاللهعليهوسلم (وَهُمْ فَرِحُونَ) بما صنعوا من أخذ الأمر وبما أصابه* صلىاللهعليهوسلم والجملة حال من الضمير فى يقولوا ويتولوا لا فى الأخير فقط لمقارنة الفرح لهما معا وإيثار الجملة الاسمية للدلالة على دوام السرور وإسناد المساءة إلى الحسنة والمسرة إلى أنفسهم دون المصيبة بأن يقال وإن تصبك مصيبة تسررهم للإيذان باختلاف حاليهم حالتى عروض المساءة والمسرة بأنهم فى الأولى مضطرون وفى الثانية مختارون (قُلْ) بيانا لبطلان ما بنوا عليه مسرتهم من الاعتقاد (لَنْ يُصِيبَنا) أبدا وقرىء هل يصيبنا وهل يصيبنا من فيعل لا من فعل لأنه واوى يقال صاب السهم يصوب واشتقاقه من الصواب (إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا) أى أثبته لمصلحتنا الدنيوية أو الأخروية من النصرة عليكم أو الشهادة المؤدية إلى* النعيم الدائم (هُوَ مَوْلانا) ناصرنا ومتولى أمورنا (وَعَلَى اللهِ) وحده (فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) التوكل تفويض* الأمر إلى الله والرضا بما فعله وإن كان ذلك بعد ترتيب المبادى العادية والفاء للدلالة على السببية والأصل ليتوكل المؤمنون على الله قدم الظرف على الفعل لإفادة القصر ثم أدخل الفاء للدلالة على استيجابه تعالى للتوكل عليه كما فى قوله تعالى (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) والجملة إن كانت من تمام الكلام المأمور به فإظهار الاسم الجليل فى مقام الإضمار لإظهار التبرك والتلذذ به وإن كانت مسوقة من قبله تعالى أمرا للمؤمنين بالتوكل إثر أمرهصلىاللهعليهوسلم بما ذكر فالأمر ظاهر وكذا إعادة الأمر فى قوله عزوجل (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا) لانقطاع حكم الأمر الأول بالثانى وإن كان أمر الغائب وأما على الوجه الأول فهى لإبراز كمال العناية بشأن المأمور به والإشعار بما بينه وبين ما أمر به أو لا من الفرق فى السياق والتربص التمكث مع انتظار مجىء شىء خيرا كان أو شرا والباء للتعدية وإحدى الناءين محذوفة أى ما تنتظرون بنا (إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ) أى العاقبتين* اللتين كل واحدة منهما هى حسنى العواقب وهما النصر والشهادة وهذا نوع بيان لما أبهم فى الجواب الأول وكشف لحقيقة الحال بإعلام أن ما يزعمونه مضرة للمسلمين من الشهادة أنفع مما يعدونه منفعة من النصر والغنيمة (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ) إحدى السوأيين من العواقب إما (أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ) *