(لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١) وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ) (٩٢)
____________________________________
سيغنينى الله تعالى عنكم وعن مجاهد نفر من غفار اعتذروا فلم يعذرهم الله سبحانه وعن قتادة اعتذروا بالكذب وقرىء المعذرون بتشديد العين والذال من تعذر بمعنى اعتذر وهو لحن إذ التاء لا تدغم فى العين إدغامها فى الطاء والزاء والصاد فى المطوعين وازكى واصدق وقيل أريد بهم المعتذرون بالصحة وبه فسر المعذرون* والمعذرون أى الذين لم يفرطوا فى العذر (وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) وهم منافقو الأعراب الذين* لم يجيئوا ولم يعتذروا فظهر أنهم كذبوا الله ورسوله فى ادعاء الإيمان والطاعة (سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ) أى من الأعراب أو من المعذرين فإن منهم من اعتذر لكسله لا لكفره (عَذابٌ أَلِيمٌ) بالقتل والأسر فى الدنيا والنار فى الآخرة (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى) كالهرمى والزمنى (وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ) لفقرهم كمزينة وجهينة وبنى عذرة (حَرَجٌ) إثم فى التخلف (إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) وهو عبارة عن الإيمان بهما والطاعة لهما فى السر والعلن وتوليهما فى السراء والضراء والحب فيهما والبغض* فيهما كما يفعل المولى الناصح بصاحبه (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) استئناف مقرر لمضمون ما سبق أى ليس عليهم جناح ولا إلى معاتبتهم سبيل ومن مزيدة للتأكيد ووضع المحسنين موضع الضمير للدلالة على انتظامهم بنصحهم لله ورسوله فى سلك المحسنين أو تعليل لنفى الحرج عنهم أى ما على جنس المحسنين من* سبيل وهم من جملتهم (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) تذييل مؤيد لمضمون ما ذكر مشير إلى أن بهم حاجة إلى المغفرة وإن كان تخلفهم بعذر (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ) عطف على (الْمُحْسِنِينَ) كما يؤذن به قوله عزوجل فيما سيأتى (إِنَّمَا السَّبِيلُ) الآية وقيل عطف على (الضُّعَفاءِ) وهم البكاءون سبعة من الأنصار معقل بن يسار وصخر ابن خنساء وعبد الله بن كعب وسالم بن عمير وثعلبة بن غنمة وعبد الله بن معقل وعلبة بن زيد أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا نذرنا الخروج فاحملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة نغز معك فقال صلىاللهعليهوسلم لا أجد فتولوا وهم يبكون وقيل هم بنو مقر معقل وسويد ونعمان وقيل أبو موسى الأشعرى وأصحابه رضى* الله تعالى عنهم (قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ) حال من الكاف فى أتوك بإضمار قد وما عامة لما سألوه صلىاللهعليهوسلم وغيره مما يحمل عليه عادة وفى إيثار لا أجد على ليس عندى من تلطيف الكلام وتطييب قلوب السائلين* ما لا يخفى كأنه صلىاللهعليهوسلم يطلب ما يسألونه على الاستمرار فلا يجده (تَوَلَّوْا) جواب إذا (وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ) أى* تسيل بشدة (مِنَ الدَّمْعِ) أى دمعا فإن من البيانية مع مجرورها فى حيز النصب على التمييز وهو أبلغ من* يفيض دمعها لإفادتها أن العين بعينها صارت دمعا فياضا والجملة حالية وقوله عز اسمه (حَزَناً) نصب على العلية أو الحالية أو المصدرية لفعل دل عليه ما قبله أى تفيض للحزن فإن الحزن يسند إلى العين مجازا