(الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٩٧) وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٩٨)
____________________________________
عنه الله تعالى مما لا يكاد يصدر عن المؤمن وقيل إنما قيل ذلك لئلا يتوهم متوهم أن رضا المؤمنين من دواعى رضا الله تعالى. قيل هم جد بن قيس ومعتب بن قشير وأصحابهما وكانوا ثمانين منافقا فقال النبى صلىاللهعليهوسلم للمؤمنين حين قدم المدينة لا تجالسوهم ولا تكلموهم وقيل جاء عبد الله بن أبى يحلف أن لا يتخلف عنه أبدا (الْأَعْرابُ) هى صيغة جمع وليست بجمع للعرب قاله سيبويه لئلا يلزم كون الجمع أخص من الواحد فإن العرب هو هذا الجيل الخاص سواء سكن البوادى أم القرى وأما الأعراب فلا يطلق إلا على من يسكن البوادى ولهذا نسب إلى الأعراب على لفظه فقيل أعرابى وقال أهل اللغة رجل عربى وجمعه العرب كما يقال مجوسى ويهودى ثم يحذف ياء النسب فى الجمع فيقال المجوس واليهود ورجل أعرابى ويجمع على الأعراب والأعاريب أى أصحاب البدو (أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً) من أهل الحضر لجفائهم وقسوة قلوبهم* وتوحشهم ونشئهم فى معزل من مشاهدة العلماء ومفاوضتهم وهذا من باب وصف الجنس بوصف بعض أفراده كما فى قوله تعالى (وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) إذ ليس كلهم كما ذكر على ما ستحيط به خبرا (وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا) أى أحق وأخلق بأن لا يعلموا (حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) لبعدهم عن مجلسه صلىاللهعليهوسلم* وحرمانهم من مشاهدة معجزاته ومعاينة ما ينزل عليه من الشرائع فى تضاعيف الكتاب والسنة (وَاللهُ عَلِيمٌ) بأحوال كل من أهل الوبر والمدر (حَكِيمٌ) فيما يصيب به مسيئهم ومحسنهم من العقاب والثواب* (وَمِنَ الْأَعْرابِ) شروع فى بيان تشعب جنس الأعراب إلى فريقين وعدم انحصارهم فى الفريق المذكور كما يتراءى من ظاهر النظم الكريم وشرح لبعض مثالب هؤلاء المتفرعة على الكفر والنفاق بعد بيان تماديهم فيهما وحمل الأعراب على الفريق المذكور خاصة وإن ساعده كون من يحكى حاله بعضا منهم وهم الذين بصدد الإنفاق من أهل النفاق دون فقرائهم أو أعراب أسد وغطفان وتميم كما قيل لكن لا يساعده ما سيأتى من قوله تعالى (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ) الخ فإن أولئك ليسوا من هؤلاء قطعا وإنما هم من الجنس أى ومن جنس الأعراب الذى نعت بنعت بعض أفراده (مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ) من المال* أى يعد ما يصرفه فى سبيل الله ويتصدق به صورة (مَغْرَماً) أى غرامة وخسرانا لازما إذ لا ينفقه* احتسابا ورجاء لثواب الله تعالى ليكون له مغنما وإنما ينفقه رياء وتقية فهى غرامة محضة وما فى صيغة الاتخاذ من معنى الاختيار والانتفاع بما يتخذ إنما هو باعتبار غرض المنفق من الرياء والتقية لا باعتبار ذات النفقة أعنى كونها غرامة (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ) أصل الدائرة ما يحيط بالشىء والمراد بها ما لا*