(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠) وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) (١٠١)
____________________________________
رضى الله عنه أنه قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم أسلم وغفار وشىء من جهينة ومزينة خير عند الله يوم القيامة من تميم وأسد بن خزيمة وهوازن وغطفان (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ) بيان لفضائل أشراف المسلمين إثر بيان فضيلة طائفة منهم والمراد بهم الذين صلوا إلى القبلتين أو الذين شهدوا بدرا أو الذين أسلموا قبل الهجرة (وَالْأَنْصارِ) أهل بيعة العقبة الأولى وكانوا سبعة نفر وأهل بيعة العقبة الثانية وكانوا* سبعين رجلا والذى آمنوا حين قدم عليهم أبو زرارة مصعب بن عمير وقرىء بالرفع عطفا على والسابقون (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) أى ملتبسين به والمراد به كل خصلة حسنة وهم اللاحقون بالسابقين من الفريقين* على أن من تبعيضية أو الذين اتبعوهم بالإيمان والطاعة إلى يوم القيامة فالمراد بالسابقين جميع المهاجرين والأنصار ومن بيانية (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) خبر للمبتدأ أى رضى الله عنهم بقبول طاعتهم وارتضاء أعمالهم* (وَرَضُوا عَنْهُ) بما نالوه من رضاه المستتبع لجميع المطالب طرا (وَأَعَدَّ لَهُمْ) فى الآخرة (جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ) وقرىء من تحتها كما فى سائر المواقع (خالِدِينَ فِيها أَبَداً) من غير انتهاء (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) الذى* لا فوز وراءه وما فى اسم الإشارة من معنى البعد لبيان بعد منزلتهم فى مراتب الفضل وعظم الدرجة من مؤمنى الأعراب (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ) شروع فى بيان أحوال منافقى أهل المدينة ومن حولها من الأعراب بعد بيان حال أهل البادية منهم أى ممن حول بلدتكم (مُنافِقُونَ) وهم جهينة ومزينة وأسلم* وأشجع وغفار كانوا نازلين حولها (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) عطف على ممن حولكم عطف مفرد على مفرد* وقوله تعالى (مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) إما جملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب مسوقة لبيان غلوهم فى النفاق* إثر بيان اتصافهم به وإما صفة للمبتدأ المذكور فصل بينها وبينه بما عطف على خبره وإن صفة لمحذوف أقيمت هى مقامه وهو مبتدأ خبره من أهل المدينة كما فى قوله [أنا ابن جلا وطلاع الثنايا] والجملة عطف على الجملة السابقة أى ومن أهل المدينة قوم مردوا على النفاق أى تمهروا فيه من مرن فلان على عمله ومرد عليه إذا درب به وضرى حتى لان عليه ومهر فيه غير أن مرد لا يكاد يستعمل إلا فى الشر فالتمرد على الوجهين الأولين شامل للفريقين حسب شمول النفاق وعلى الوجه الأخير خاص بمنافقى أهل المدينة وهو الأظهر والأنسب بذكر منافقى أهل البادية أولا ثم ذكر منافقى الأعراب المجاورين للمدينة ثم ذكر منافقى أهلها والله تعالى أعلم وقوله عز شأنه (لا تَعْلَمُهُمْ) بيان لتمردهم أى لا تعرفهم أنت لكن لا بأعيانهم* وأسمائهم وأنسابهم بل بعنوان نفاقهم يعنى أنهم بلغوا من المهارة فى النفاق والتنوق فى مراعاة التقية