(وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (٤٨) وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩) فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ(٥١) كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (٥٢)
____________________________________
لقادرون من الوسع بمعنى الطاقة والموسع القادر على الإنفاق أو لموسعون السماء أو ما بينها وبين الأرض أو الرزق (وَالْأَرْضَ فَرَشْناها) مهدناها وبسطناها ليستقروا عليها (فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) أى نحن (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ) أى من الأجناس (زَوْجَيْنِ) أى نوعين ذكرا وأنثى وقيل متقابلين السماء والأرض والليل والنهار والشمس والقمر والبر والبحر ونحو ذلك (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أى فعلنا ذلك كله كى تتذكروا* فتعرفوا أنه خالق الكل ورازقه وأنه المستحق للعبادة وأنه قادر على إعادة الجميع فتعملوا بمقتضاه وقوله تعالى (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) مقدر لقول خوطب به النبى صلىاللهعليهوسلم بطريق التلوين والفاء إما لترتيب الأمر على ما حكى من أثار غضبه الموجبة للفرار منها ومن أحكام رحمته المستدعية للفرار إليها كأنه قيل قل لهم إذا كان الأمر كذلك فاهربوا إلى الله الذى هذه شؤنه بالإيمان والطاعة كى تنجوا من عقابه وتفوزوا بثوابه وإما للعطف على جملة مقدرة مترتبة على قوله تعالى (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) كأنه قيل قل لهم فتذكروا ففروا إلى الله الخ وقوله تعالى (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) تعليل للأمر بالفرار إليه تعالى أو لوجوب الامتثال به فإن كونه عليه الصلاة والسلام منذرا منه تعالى موجب عليه عليه الصلاة والسلام أن يأمرهم بالفرار إليه وعليهم أن يمتثلوا به أى إنى لكم من جهته تعالى منذر بين كونه منذرا؟؟؟ أو مظهر لما يجب إظهاره من العذاب المنذر به وفى أمره تعالى للرسول صلىاللهعليهوسلم بأن يأمرهم بالهرب إليه تعالى من عقابه وتعليله بأنه عليه الصلاة والسلام ينذرهم من جهته تعالى لا من تلقاء نفسه وعد كريم بنجاتهم من المهروب وفوزهم بالمطلوب وقوله تعالى (وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) نهى موجب للفرار من سبب العقاب بعد الأمر بالفرار من نفسه كما يشعر به قوله تعالى (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ) أى من الجعل المنهى عنه (نَذِيرٌ مُبِينٌ) فإن تعلق كلمة من بالإنذار مع كون صلته الباء بتضمينه معنى الإفر يقال فر منه أى هرب وأفره غيره كأنه قيل وفروا من أن تجعلوا معه تعالى اعتقادا أو قولا إلها آخر وفيه تأكيد لما قبله من الأمر بالفرار من العقاب إليه تعالى لكن لا بطريق التكرير كما قيل بل بالنهى عن سببه وإيجاب الفرار (كَذلِكَ) أى الأمر مثل ما ذكر من تكذيبهم الرسول وتسميتهم له ساحرا أو مجنونا وقوله تعالى (ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الخ تفسير له أى ما أتاهم (مِنْ رَسُولٍ) من رسل الله* (إِلَّا قالُوا) فى حقه (ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) ولا سبيل إلى انتصاب الكاف بأتى لامتناع عمل ما بعد*