(وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٧)
____________________________________
إما على الاكتفاء من الواو بالضم أو على أنه جمع كرهن وقرىء قائما على أصوله ذهابا إلى لفظ ما (فَبِإِذْنِ اللهِ) فذاك أى قطعها وتركها بأمر الله تعالى (وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) أى وليذل اليهود ويغيظهم* إذن فى قطعها وتركها لأنهم إذا رأوا المؤمنين يتحكمون فى أموالهم كيف أحبوا ويتصرفون فيها حسبما شاؤا من القطع والترك يزدادون غيظا ويتضاعفون حسرة واستدل به على جواز هدم ديار الكفرة وقطع أشجارهم وإحراق زروعهم زيادة لغيظهم وتخصيص اللينة بالقطع إن كانت من الألوان لاستبقاء العجوة والبرنية اللتين هما كرام النخيل وإن كانت هى الكرام ليكون غيظهم أشد وقوله تعالى (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) شروع فى بيان حال ما أخذ من أموالهم بعد بيان ما حل بأنفسهم من العذاب العاجل والآجل وما فعل بديارهم ونخيلهم من التخريب والقطع أى ما أعاده إليه من مالهم وفيه إشعار بأنه كان حقيقا بأن يكون له عليه الصلاة والسلام وإنما وقع فى أيديهم بغير حق فرجعه الله تعالى إلى مستحقه لأنه تعالى خلق الناس لعبادته وخلق ما خلق ليتوسلوا به إلى طاعته فهو جدير بأن يكون للمطيعين (مِنْهُمْ) أى من بنى النضير (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ) أى فما أجريتم على تحصيله وتغنمه من الوجيف* وهو سرعة السير (مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) هى ما يركب من الإبل خاصة كما أن الراكب عندهم راكبها* لا غير وأما راكب الفرس فإنما يسمونه فارسا ولا واحد لها من لفظها وإنما الواحدة منها راحلة والمعنى ما قطعتم لها شقة بعيدة ولا لقيتم مشقة شديدة ولا قتالا شديدا وذلك لأنه كانت قراهم على ميلين من المدينة فمشوا إليها مشيا وما كان فيهم راكب إلا النبى عليه الصلاة والسلام فافتحها صلحا من غير أن يجرى بينهم مسابقة كأنه قيل وما أفاء الله على رسوله منهم فما حصلتموه بكد اليمين وعرق الجبين (وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) أى سنته تعالى جارية على أن يسلطهم على من يشاء من أعدائهم تسليطا خاصا وقد سلط النبى عليه الصلاة والسلام على هؤلاء تسليطا غير معتاد من غير أن تقتحموا مضايق الخطوب وتقاسوا شدائد الحروب فلا حق لكم فى أموالهم (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيفعل ما يشاء* كما يشاء تارة على الوجوه المعهودة وأخرى على غيرها وقوله تعالى (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) بيان لمصارف الفىء بعد بيان إفاءته عليه عليه الصلاة والسلام من غير أن يكون للمقاتلة فيه حق وإعادة عين العبارة الأولى لزيادة التقرير ووضع أهل القرى موضع ضميرهم للإشعار بشمول