(لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (٨) وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٩)
____________________________________
* ما لعقاراتهم أيضا (فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) اختلف فى قسمة الفىء فقيل يسدس لظاهر الآية ويصرف سهم الله إلى الكعبة وسائر المساجد وقيل يخمس لأن ذكر الله للتعظيم ويصرف الآن سهم الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الإمام على قول وإلى العساكر والثغور على قول وإلى مصالح المسلمين على قول وقيل يخمس خمسة كالغنيمة فإنه عليه الصلاة والسلام* كان يقسم الخمس كذلك ويصرف الأخماس الأربعة كما يشاء والآن على الخلاف المذكور (لِكَيْلا يَكُونَ) * أى الفىء الذى حقه أن يكون للفقراء يعيشون به (دُولَةً) بضم الدال وقرىء بفتحها وهى ما يدول للإنسان أى يدور من الغنى والجد والغلبة وقيل الدولة بالفتح من الملك بكسرها أو بالضم فى المال* وبالفتح فى النصرة أى كيلا يكون جدا (بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) يتكاثرون به أو كيلا يكون دولة جاهلية بينكم فإن الرؤساء منهم كانوا يستأثرون بالغنيمة ويقولون من عز بز وقيل الدولة بالضم ما يتداول كالغرفة اسم ما يغترف فالمعنى كيلا يكون الفىء شيئا يتداوله الأغنياء بينهم ويتعارونه فلا يصيب الفقراء والداولة بالفتح بمعنى التداول فالمعنى كيلا يكون ذا تداول بينهم أو كيلا يكون إمساكه تداولا بينهم لا يخرجونه إلى الفقراء وقرىء دولة بالرفع على أن كان تامة أى كيلا يقع دولة على ما فصل من المعانى* (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ) أى ما أعطاكموه من الفىء أو من الأمر (فَخُذُوهُ) فإنه حقكم أو فتمسكوا به* فإنه واجب عليكم (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ) عن أخذه أو عن تعاطيه (فَانْتَهُوا) عنه (وَاتَّقُوا اللهَ) فى مخالفته عليه الصلاة والسلام (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) فيعاقب من يخالف أمره ونهيه (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) بدل من لذى القربى وما عطف عليه فإن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يسمى فقيرا ومن أعطى أغنياء* ذوى القربى خص الإبدال بما بعده وأما تخصيص اعتبار الفقر بفىء بنى النضير فتعسف ظاهر (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ) حيث اضطرهم كفار مكة وأحوجوهم إلى الخروج وكانوا مائة رجل* فخرجوا منها (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) أى طالبين منه تعالى رزقا فى الدنيا ومرضاة فى الآخرة وصفوا أولا بما يدل على استحقاقهم للفىء من الإخراج من الديار والأموال وقيد ذلك ثانيا بما* يوجب تفخيم شأنهم ويؤكده (وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) عطف على يبتغون فهى حال مقدرة أى ناوين لنصرة الله تعالى ورسوله أو مقارنة فإن خروجهم من بين الكفار مراغمين لهم مهاجرين إلى المدينة* نصرة وأى نصرة (أُولئِكَ) الموصوفون بما فصل من الصفات الحميدة (هُمُ الصَّادِقُونَ) الراسخون فى الصدق حيث ظهر ذلك بما فعلوا ظهورا بينا (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ) كلام مستأنف مسوق