(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩) وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠) فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (١١)
____________________________________
على ما هم عليه من الكفر ويصيرون فى الآخرة إلى السعير من غير ولى يلى أمرهم ولا نصير يخلصهم من العذاب (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) جملة مستأنفة مقررة لما قبلها من انتفاء أن يكون للظالمين ولى أو نصير وأم منقطعة وما فيها من بل للانتقال من بيان ما قبلها إلى بيان ما بعدها والهمزة لإنكار الوقوع ونفيه على أبلغ وجه وآكده لا لإنكار الواقع واستقباحه كما قيل إذ المراد بيان أن ما فعلوا ليس من اتخاذ الأولياء فى شىء لأن ذلك فرع كون الأصنام أولياء وهو أظهر الممتنعات أى بل أتخذوا* متجاوزين الله أولياء من الأصنام وغيرها هيهات وقوله تعالى (فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ) جواب شرط محذوف كأنه قيل بعد إبطال ولاية ما اتخذوه أولياء إن أرادوا وليا فى الحقيقة فالله هو الولى لاولى سواه (وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى) أى ومن شأنه ذلك (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فهو الحقيق بأن يتخذ وليا فليخصوه بالاتخاذ دون من لا يقدر على شىء (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ) حكاية لقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم للمؤمنين أى وما خالفكم الكفار فيه من أمور الدين فاخلنفتم أنتم وهم (فَحُكْمُهُ) راجع (إِلَى اللهِ) وهو إثابة المحقين وعقاب المبطلين (ذلِكُمُ) الحاكم العظيم الشأن (اللهُ رَبِّي) مالكى (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) فى مجامع أمورى خاصة لا على غيره (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) أرجع فى كل ما يعن لى من معضلات الأمور لا إلى أحد سواه وحيث كان التوكل أمرا واحدا مستمرا والإنابة متعددة متجددة حسب تجدد موادها أوثر فى الأول صيغة الماضى وفى الثانى صيغة المضارع وقيل وما اختلفتم فيه وتنازعتم فى شىء من الخصومات فتحاكموا فيه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا تؤثروا على حكومته حكومة غيره وقيل وما اختلفتم فيه من تأويل آية واشتبه عليكم فارجعوا فى بيانه إلى المحكم من كتاب الله والظاهر من سنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقيل وما وقع بينكم الخلاف فيه من العلوم التى لا تتعلق بتكليفكم ولا طريق لكم إلى علمه فقولوا الله أعلم كمعرفة الروح ولا مساغ لحمل هذا على الاجتهاد لعدم جوازه بحضرة الرسول صلىاللهعليهوسلم (فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خبر آخر لذلكم أو خبر لمبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره (جَعَلَ لَكُمْ) وقرىء بالجر على أنه بدل من الضمير أو وصف للاسم الجليل فى قوله تعالى (إِلَى اللهِ) وما بينهما اعتراض بين الصفة والموصوف (مِنْ أَنْفُسِكُمْ) من جنسكم (أَزْواجاً) نساء وتقديم الجار والمجرور على المفعول الصريح قد مر سره غيره مرة (وَمِنَ الْأَنْعامِ) أى وجعل للأنعام من جنسها (أَزْواجاً) أو خلق لكم من الأنعام أصنافا أو ذكورا وإناثا (يَذْرَؤُكُمْ) يكثركم من الذرء وهو البث وفى معناه الذرو والذر (فِيهِ) أى