(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١٠)
____________________________________
* وقرىء ما يفعل على إسناد الفعل إلى ضميره تعالى (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ) أى ما أفعل إلا اتباع ما يوحى إلى على معنى قصر أفعاله عليه الصلاة والسلام على اتباع الوحى لا قصر اتباعه على الوحى كما هو المتسارع إلى الأفهام وقد مر تحقيقه فى سورة الأنعام وقرىء يوحى على البناء للفاعل وهو جواب عن اقتراحهم الإخبار عما لم يوح إليه عليهالسلام من الغيوب وقيل عن استعجال المسلمين أن يتخلصوا عن أذية المشركين والأول هو الأوفق لقوله تعالى (وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ) أنذركم عقاب الله تعالى حسبما يوحى إلى (مُبِينٌ) بين الإنذار بالمعجزات الباهرة (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ) أى ما يوحى* إلى من القرآن (مِنْ عِنْدِ اللهِ) لا سحرا ولا مفترى كما تزعمون وقوله تعالى (وَكَفَرْتُمْ بِهِ) حال بإضمار قد من الضمير فى الخبر وسطت بين أجزاء الشرط مسارعة إلى التسجيل عليهم بالكفر أو عطف على كان كما فى قوله تعالى (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ) لكن لا على أن نظمه فى سلك الشرط المتردد بين الوقوع وعدمه عندهم باعتبار حاله فى نفسه بل باعتبار حال المعطوف عليه عندهم فإن كفرهم به أمر محقق عندهم أيضا وإنما ترددهم فى أن ذلك كفر بما من عند الله تعالى أم لا وكذا الحال* فى قوله تعالى (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) وما بعده من الفعلين فإن الكل أمور محققة عندهم وإنما ترددهم فى أنها شهادة وإيمان بما من عند الله تعالى واستكبار عنه أولا والمعنى أخبرونى إن كان ذلك فى الحقيقة من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد عظيم الشأن من بنى إسرائيل الواقفين على شؤن الله* تعالى وأسرار الوحى بما أوتوا من التوراة (عَلى مِثْلِهِ) أى مثل القرآن من المعانى المنطوية فى التوراة المطابقة لما فى القرآن من التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك فإنها عين ما فيه فى الحقيقة كما يعرب عنه قوله تعالى (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ) وقوله تعالى (إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى) والمثلية باعتبار تأديتها بعبارات أخر أو على مثل ما ذكر من كونه من عند الله تعالى والمثلية لما ذكر وقيل المثل صلة والفاء* فى قوله تعالى (فَآمَنَ) للدلالة على أنه سارع إلى الإيمان بالقرآن لما علم أنه من جنس الوحى الناطق بالحق وهو عبد الله بن سلام لما سمع بمقدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة أتاه فنظر إلى وجهه الكريم فعلم أنه ليس بوجه كذاب وتأمله فتحقق أنه النبى المنتظر فقال له إنى سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبى ما أول أشراط الساعة وما أول طعام أكله أهل الجنة والولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه فقال عليه الصلاة والسلام أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب وأما طعام أهل الجنة فزيادة كبد حوت وأما الولد فإن سبق ماء الرجل نزعه وإن سبق ماء المرأة نزعته فقال أشهد أنك رسول الله حقا فقام ثم قال يا رسول الله إن اليهود قوم بهت فإن علموا بإسلامى قبل أن تسألهم عنى بهتونى عندك فجاءت اليهود فقال لهم النبى عليه الصلاة والسلام أى رجل عبد الله فيكم فقالوا خيرنا