الذي يخرج النبات من الأرض فيتفتّح عن كل ما يبني للجسد قوّته ، ويعطي للحياة حيويّتها ونضارتها واستمرارها؟ ويبدأ التفكير يفرض نفسه عليهم عند ما يثيرون علامات الاستفهام أمام كل هؤلاء الذين يشركون بهم ، ويتعبدون لهم من دون الله ، فلا يرون لهم حولا ولا قوّة في ذلك كله ، بل يرونهم أعجز من ذلك ، لأنهم لا يملكون لأنفسهم ضرّا ولا نفعا في كل شيء إلا بالله. ويستمر السؤال في إلحاحه ، ويأتي الجواب (قُلِ اللهُ) الذي يبقى في معناه يثير الفكر ، ويغني المعرفة ، ويحقق القناعة الإيمانية في نهاية المطاف ، وقد يكون في هذا الأسلوب الذي يثير السؤال من دون انتظار للجواب بعض الإيحاء بأن الفكرة واضحة في انسجامها مع خط الإيمان ، بحيث إن المسألة لا تحتاج إلى أخذ وردّ ، مع توجيه الإنسان إلى أن الإسلام يحترم فكره ، ولهذا فإنه يثير المعرفة من موقع الفكر ، لا من موقع الفرض.
* * *
خط الحياد الفكري في أسلوب الدعوة
(وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) وهذا هو الأسلوب الإنساني الرائع في تحريك أجواء الحوار في خط الحياد الفكري حيث يطلق المحاور المؤمن الفكرة في دائرة الاحتمال الذي يساوي بين فرضية الخطأ والصواب ، أو الهدى والضلال ، ليتقدم إلى الآخرين بروحية الباحث عن الحق في نطاق الفكرة ، فيطرح المسألة في ساحة الشك ، كما لو كان يعيش الاهتزاز الإيمانيّ ، باحثا عن الكلمات التي توضح له موقع الخطأ من موقع الصواب الذي يلتزمه ، أو يلتزمه الآخرون.
وفي ضوء ذلك ، نفهم أن حركة الحوار في الإسلام ترتكز على أساس