ولا ينفع في مجال الصراع ، لأنه لا ينتج غير التهويش والتهويل.
إن الدعوة في مثل هذا الموقف ، أمام تهمة ظالمة طائشة ، يحاول صانعوها أن يلصقوها بالنبي وهو تهمة الجنون. إنه مجنون ، وإذا ، فهو لا يفقه ما يقول ، ولا يعقل ما يصنع ، وإنما هو اللّاشعور ينطلق في عملية إيحاء مرتبك ، لا يرتكز على واقع ، ولا يستند على أساس ، فما الذي تفعله الدعوة مع هذا الأسلوب؟
إنها تعرف ـ جيدا ـ أن مستوى الجماهير لا ينخفض عن السطح إلا قليلا ، فهو ليس بعيد القعر ـ كما يقولون ـ ، وتدرك ـ إلى جانب ذلك ـ طبيعة الغوغائية التي تكمن في نفس كل واحد منهم ، وجانب الانفعال والحماس الذي سرعان ما يطغى ويثور ، الأمر الذي يمهّد للتهمة ـ أيّة تهمة ـ أن تنتشر وتمتد إلى ذهن كل واحد منهم من دون محاكمة أو مناقشة ، حتى لتنطلق ـ بعد ذلك ـ في صورة تيار قويّ يجرف المشاعر والأحاسيس ويحولها إلى ما يشبه الطوفان ، ولذا فإن الدعوة تدرك أنها تعيش في موقف معقد ، لا بد لها ـ في معالجته ـ من الدقة والحذر ، فما ذا فعلت؟.
إنها لم تحاول أن تتجه إلى الجماهير ـ في وضع خطابي أو إقناعي ـ لتدفع التهمة عن صاحبها ورائدها الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم وذلك بتقديم الأدلة والبراهين التي تدحض هذه التهمة ، وتدفع هذه الفرية ، لأن الجماهير لا تفهم لغة الحجج والبراهين في طوفان الحماس والاندفاع ، ولذا فهي لا تستمع إليها ولا تلقي بالا لما تقول. إنها لم تحاول ذلك ولم ترد هي أن تقوم بدفع التهمة ، لأن صاحبها ـ في حسبان الجماهير ـ لا يعقل ما يقول ..! فكيف تقبل منه الحجة بالدفاع عن نفسه؟ بل حاولت أن تدل هؤلاء الناس على منهج البحث وطريق المعرفة ، وترجعهم إلى ذواتهم وفطرتهم ، ولكن ، بطريقة لبقة ، لا تشعر الآخرين بالغاية التي تنتهي إليها ، فقد دعتهم إلى أن يتفرقوا مثنى