وفرادى ، وينفصلوا عن الجو المحموم العاصف الذي يعيشون فيه ، فيحاولوا دراسة هذه التهمة ، والتفكير فيها ، بعيدا عن المؤثرات العاطفية ، ليخلصوا إلى النتيجة الحاسمة التي يمليها عليهم تفكيرهم الخاص وملاحظتهم الشخصية لأفعال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأقواله وسيرته العامة ، في حياته بينهم ، فهي لم تقم بنفي الفكرة ابتداء ، ولم تتخذ لنفسها صفة الناقد لهم والموجّه لأفعالهم ، بل حاولت دعوتهم إلى مناقشة الفكرة ، وتهيئة الجوّ الهادىء لأنفسهم للتفكير والمناقشة ، فهي ، في هذا الجو ، أشبه بالمتهم الذي لا يحاول أن يدّعي البراءة لنفسه ، أمام القضاة ، بل يكتفي بمحاولة إرشادهم إلى أن يراجعوا الوثائق والمستندات المتعلقة بقضيته ، ليحكموا عليه ـ من خلالها ـ بما يوحي إليهم ضميرهم بعيدا عن أيّ تأثير ، وهو واثق ـ في الوقت نفسه ـ أن النتيجة ستكون في صفه.
ونحسب أن مثل هذا الأسلوب ، لا ينفصل عن تأدية الغرض والوصول إلى الغاية ، من تراجع الآخرين عن غيّهم وضلالهم ، لأنه في الوقت الذي يقدم لهم المساعدة للوصول إلى الحقيقة ، يوحي إليهم بطريقة خفية ، بقوّة الدعوة الفكرية وثقتها بنفسها ، الأمر الذي يبرز واضحا في هذا الهدوء النفسي الذي تواجه به الدعوة خصومها ، وهذا البرود الحماسي الذي تلاقي به الدعوة عناصر الشغب والتشويه التي تقف في طريقها.
* * *
علاقة الآية بفكرة «العقل الجمعي»
أمّا لماذا حاولت الآية الكريمة أن تفرّقهم (مَثْنى وَفُرادى) وتفصلهم عن الجوّ المحموم ، فيحب بعض الكتاب المعاصرين أن يرجعه إلى فكرة «العقل