نعجب من وجود علماء يدافعون عن أكثر المعتقدات شؤما ومخالفة للصواب.
ثالثا : وهناك أخيرا عامل الإيحاء وهو حالة يفقد فيها الفرد الإحساس بوجوده الشخصي ، بحيث يضعف وجوده الذاتي ويصبح تابعا لا سيدا يتحرك حسب ما يملى عليه ـ ويطيع طاعة عمياء ـ الزعيم المسيطر على الجمع الحاشد ، ويصبح ألعوبة في يده ، ولهذا تطغى الروح الجمعية عند الفرد على شخصيته الواعية ، وعلى إرادته وأحكامه وأفعاله وتصرفاته.
ويقابل هذه العوامل صفات لا بد منها هي من المشخصات الضرورية للروح الجمعية والعقل الجمعي وهي :
أولا : الاندفاع والانسياق بدون تردد.
ثانيا : المبالغة في فهم الحقائق.
ثالثا : عدم الثبات وسرعة التحول من رأي لرأي ومن فعل لفعل.
ثم يتابع هذا الكاتب كلامه فيقول : «بعد كل هذا الشرح النفسي للعقل الجمعي ، قد بان لنا الحكمة في اشتراط الآية أن يكون التفكير بين اثنين اثنين ، أو واحدا واحدا ، خوف القضاء على الحقيقة في الزحام ، وخفاء وجه صواب الرأي في الاجتماع» (١).
* * *
التعليق على فكرة «العقل الجمعي»
أمّا تعليقنا على ذلك ، فيرتكز على نقطة أساسية واحدة هي أننا لا نستطيع إخضاع القرآن الكريم لمصطلحات وأفكار لا تزال موضع نقاش بين الباحثين ، لأن ذلك يؤدي بنا إلى التراجع عن هذا التفسير عند تبدل هذه
__________________
(١) راجع : حمودة ، عبد الوهاب ، القرآن وعلم النفس ، ص : ٨٦ ـ ٩٢.