النظرية ، وهكذا دواليك في عملية تبديل وتغيير. ولا يخفى ما في ذلك من الإساءة لقدسية القرآن ومكانته ، ولهذا فنحن لا نوافق بأيّ وجه من الوجوه على المنهج الذي يحاول الكثيرون من كتّابنا الإسلاميين أن ينهجوه في تفسير القرآن بالنظريات العلمية والاجتماعية والنفسية وغيرها.
وعلى ضوء ، ذلك فلا نستطيع أن نقر الكاتب على ما ذهب إليه من ارتكاز هذه الآية في مضمونها على نظرية (العقل الجمعي) التي تنبه لها «جوستاف لوبون» ، لأن هذه الفكرة ليست مما أجمع عليه علماء النفس (١).
وانطلاقا من ذلك ، فلا بد لنا من أن نرجع بالآية إلى واقع القضية بعيدا عن المصطلحات والنظريات ، وهي «أن الجماهير لا تتصف بمقتضى الحكمة التي يتصف بها الأفراد التي تتكون منهم الجمهرة» (٢) ، ولذلك أمرهم الله سبحانه وتعالى أن يقوموا (مَثْنى وَفُرادى) مثنى ليراجع أحدهما الآخر ويأخذ معه ويعطي في غير تأثر بعقلية الجماهير التي تتبع الانفعال الطارئ ولا تتلبث لتتابع الحجة في هدوء ، وفرادى مع النفس وجها لوجه في تمحيص هادئ عميق.
* * *
إن أجري إلا على الله
(قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) فلست الإنسان الذي يبذل جهده الفكري
__________________
(١) انظر : القوصي ، عبد العزيز ، علم النفس ، ص : ٣٩٠.
(٢) قطب ، سيد ، في ظلال القرآن ، ج : ٢٢ ، ص : ٩١.