والرسالي والعملي للناس في مقابل أجر ماديّ ، لأني لم أنطلق في رسالتي هذه ، من خلال ما ينطلق به الناس في مجتمعكم من الحصول على ملك أو جاه أو شهوة أو مال ، بل انطلقت من خلال مسئوليتي أمام الله في إبلاغ رسالته للناس ، امتثالا لأمره ، وطلبا لرضاه ، ومحبة للناس ، ورحمة بهم ، وإخلاصا للحق والخير والعدل .. فإذا كنتم تفكرون أن هناك أجرا أتطلّبه وأفرضه عليكم فإنني مستعد أن أقدمه لكم ، ليبقى عندكم ولكم من دون أن تتكلفوا منه شيئا لحسابي ، إذ (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) فهو الذي أبذل كل حياتي في خطوطها الذاتية والاجتماعية والرسالية العامة ، في سبيله ، لأحصل على ثوابه ورضوانه ولطفه ورحمته ، لأن ذلك هو غاية الأنبياء والصالحين ، (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) في حضوره القويّ الشامل الذي لا يغادر كبيرة ولا صغيرة إلا أحصاها ، ولا يغيب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء ، فهو الذي أراقبه في ما أفكر ، وأعمل ، وفي ما أبلغكم به من رسالاته.
* * *
(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِ)
(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِ) ويرميه في وجه الباطل ، في ساحة الصراع بينهما ، بما يملكه الحق من القوّة الذاتية التي تستطيع أن تبطل كل حجج الباطل التي يلفقها المبطلون ، فيزهق ويزول ، فالله (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) الذي يطلع على حقائق الأشياء الكامنة في خفايا طبائها وأوضاعها ومواقعها ، فلا يحجبه عنها شيء ، ولا يغيب عن علمه منها شيء.
(قُلْ جاءَ الْحَقُ) في هذا القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ليتحدى الآخرين ، في ما يطلق من عقائد ومفاهيم وتشريعات للحياة ،