على آفاق الله ، فأيّة عداوة أعظم من هذه العداوة؟ فلا تغفلوا عنه ، في أيّة لحظة ، وفي أيّ موقع ، ولا تتخذوه صديقا عند ما يزيّن لكم شهوات الحسّ ، ويصوّر زخارف الحياة الدنيا ، لأن الصداقة والعداوة لا تخضعان لظواهر الأمور التي تستلذها الحواس ، بل تخضعان لبواطنها ونتائجها ، بما تختزنه الروح ويرضى به العقل. فإذا عرفتم هذه العداوة المعقّدة (فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) وتعاملوا معه باليقظة المنفتحة على كل ما حولكم ومن حولكم ، كي لا ينحرف بكم عن الخط المستقيم ، ولا تهتز مشاعركم أمام ما يبثه من عناصر الإثارة ، ولا تسقط مواقفكم ، عند ما يوحي بالانحراف والضلال. وحاولوا أن تدرسوا النتائج الأخيرة التي تنتهي إليها كل مخططاته وإيحاءاته ، في كل ما يدعو إليه ، (إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ) من كل هذه الجماعات التي تطيعه وتخضع له ، وتنفذ كل خططه (لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ) من خلال ما يقودهم إليه من الأعمال التي يستحقون بها عذاب النار.
(الَّذِينَ كَفَرُوا) من هؤلاء الذين أضلهم الشيطان وانحرفوا في التصور والعقيدة ، (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) على كفرهم الذي لم ينطلقوا فيه من حجة ، ولم يرتكزوا فيه على قاعدة (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لأخطائهم بعد أن تراجعوا عنها ، وهم في رضوان الله (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) على ما قاموا به من الأعمال الصالحة والجهاد الكبير.
* * *
أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا
(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) من هؤلاء الذين يستغرقون في الخط الذي يلتزمونه ، بما يختزنه من فكر أو تصوّر ، ويتمسكون بما يرثونه من أفكار ،