النظرية الإسلامية في النقد الذاتي
ما تقدم هو الأساس في النظرية الإسلامية التي تؤكد على محاسبة النفس ومراقبتها في حركة النقد الذاتي ، في داخل الفرد أو المجتمع ، من أجل أن يبقى الإنسان سائرا في خط التكامل الأخلاقي والفكري الذي يدرس ـ دائما ـ نقاط الضعف والقوة في شخصيته ، ليقوم بعملية المقارنة بينها ، ليقلّل من نقاط الضعف إذا لم يستطع أن يلغيها ، ويكثر من نقاط القوّة ما أمكنه ذلك ، وهذا ما ألمحت إليه الأحاديث التي تتحدث عن أن نفس المؤمن ظنون عنده ، وأنه ينبغي أن لا يخرج المؤمن نفسه من حدّ التقصير.
وهكذا تحدثت الآية في معرض التساؤل عن الذي زين له سوء عمله فرآه حسنا ، لتستثير في الذهن صورة الفريق الآخر الذي عرف عمله في طبيعته الواقعية وحجمه الطبيعي ، فرآه كما هو ، فيرى السيّئ سيّئا والحسن حسنا في ميزان التقييم الواقعي للأشياء ، وليعرف الإنسان أنهما لا يستويان عند الله ، لأن الأول يتخبط في وحول الضلال ، بينما ينطلق الثاني في الطريق المستقيم المنفتح على هدى الله.
* * *
عدم التحسر على القوم الكافرين
(فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) من خلال ما أودعه الله في الحياة من أسباب الضلال التي يختارها الإنسان (وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) بتهيئته أسباب الهدى التي يوفّق الإنسان للأخذ بها من موقع الإرادة الواعية المنفتحة على الخير كله