٣٢٩ ـ فقلت ادعي وأدعو إنّ أندى |
|
لصوت أن ينادي داعيان (١) |
أي : إن دعوت دعوت ، ويجوز «وليحمل» بكسر اللام وهو الأصل إلّا أن الكسرة حذفت استخفافا ، حقيقة المعنى : ـ والله أعلم ـ اتّبعوا سبيلنا ونحن لكم بمنزلة المأمورين في حمل خطاياكم إن كانت لكم خطايا كما تقول : قلّدني وزر هذا.
(وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ) جمع ثقل ، والثقل في الأذن ، وربما دخل أحدهما على الآخر.
في الكلام حذف ، والمعنى : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه ليدعوهم إلى الإيمان فدعاهم إليه ألف سنة إلّا خمسين عاما ، وأظهر البراهين فكذبوه ، ودلّ على هذا الحذف (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ) وإنّ هذه القصة قد ذكرت في غير موضع من القرآن (أَلْفَ سَنَةٍ) منصوب على الظرف (إِلَّا خَمْسِينَ) منصوب على الاستثناء من الموجب وهو عند سيبويه بمنزلة المفعول ؛ لأنه مستثنى عنه كالمفعول ، وعند الفراء (٢) بإن لأنها عنده «إن» دخلت عليها «لا» فالنصب عنده بإن ، والرفع عنده بلا إذا رفعت. فأما أبو العباس محمد بن يزيد فهو عنده مفعول محض كأنك قلت عنده : استثنيت زيدا. قال أبو جعفر : ورأيت أبا إسحاق يذهب إلى أن قول أبي العباس هذا خطأ ، ولا يجوز عنده فيه إلّا ما قال سيبويه. ونملي كلام أبي إسحاق في الاستثناء الذي ذكره في الآية نصّا لحسنه ، وأنه قد شرح فيه أشياء من هذا الباب. قال أبو إسحاق : «الاستثناء في كلام العرب توكيد العدد وتحصيله» ؛ لأنك قد تذكر الجملة ويكون الحاصل أكثرها فإذا أردت التوكيد في تمامها قلت كلّها وإذا أردت التوكيد في نقصانها أدخلت فيها الاستثناء تقول: جاءني إخوتك ، تعني أنّ جميعهم جاءك ، وجائز أن تعني أن أكثرهم قد جاءك
__________________
(١) الشاهد للأعشى في الكتاب ٣ / ٤٧ ، والدرر ٤ / ٨٥ والرّد على النحاة ص ١٢٨ ، وليس في ديوانه ، وللفرزدق في أمالي القالي ٢ / ٩٠ ، وليس في ديوانه ، ولدثار بن شيبان النمري في الأغاني ٢ / ١٥٩ ، وسمط اللآلي ص ٧٢٦ ، ولسان العرب (ندى) وللأعشى أو للحطيئة أو لربيعة بن جشم في شرح المفصل ٧ / ٣٥ ، ولأحد هؤلاء الثلاثة أو لدثار بن شيبان في شرح التصريح ٢ / ٢٣٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٢٧ ، والمقاصد النحوية ٤ / ٣٩٢ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ٢ / ٨٦٤ ، والإنصاف ٢ / ٥٣١ ، وأوضح المسالك ٤ / ١٨٢ ، ومغني اللبيب ١ / ٣٩٧ ، وهمع الهوامع ٢ / ١٣.
(٢) انظر الإنصاف المسألة (٣٤) ، وهمع الهوامع ١ / ٢٢٤.