(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) ذكر أبو إسحاق فيه قولين : أحدهما أن المعنى : وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا أهل السماء ، والآخر ولا لو كنتم في السماء. قال أبو جعفر : وسمعت علي بن سليمان يحكي عن محمد بن يزيد قال :
المعنى وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا من في السماء على أن من ليست موصولة ولكن يكون نكرة ويكون في السماء من نعتها ، ثم أقام النعت مقام المنعوت. قال أبو إسحاق : وهذا خطأ لأن من إذا كانت نكرة فلا بد من نعتها فقد صار بمنزلة الصلة لها فلا يجوز حذف الموصول وإبقاء الصلة وكذا نعتها إذا كان بمنزلة الصلة ، ولكن الناس خوطبوا بما يعرفون ، وعندهم أنه من كان في السماء فالوصول إليه أبعد ، فالمعنى وما أنتم بمعجزين في الأرض ولو كنتم في السماء ما أعجزتم ، ومثله (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) [النساء : ٧٨].
(فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) خبر كان ، واسمها (إِلَّا أَنْ قالُوا) ويجوز رفع «جواب» تجعله اسم كان والخبر (أَنْ قالُوا وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ (١) بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) هذه قراءة الحسن ومجاهد وأبي عمرو والكسائي. قال أبو إسحاق : وقرئ مودّة بينكم (٢) وقرأ أهل المدينة وعاصم وابن عامر (مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) (٣) وقرأ حمزة مودّة بينكم. القراءة الأولى برفع مودة فيها ثلاثة أوجه ، ذكر أبو إسحاق منها وجهين : أحدهما أنها مرفوعة على خبر إنّ ويكون ما بمعنى الذي ، والتقدير : إنّ الذي اتّخذتموه من دون الله أوثانا مودّة بينكم ، والوجه الآخر أن يكون على إضمار مبتدأ أي هي مودّة أو تلك مودّة بينكم.
__________________
(١) انظر كتاب السبعة لابن مجاهد ٤٩٨ ، والبحر المحيط ٧ / ١٤٤.
(٢) انظر تيسير الداني ١٤٠.
(٣) انظر تيسير الداني ١٤٠.