وإن جاز فجمع سنة بالواو والنون والياء والنون ، لأنه قد حذف منها شيء فجعل هذا الجمع عوضا ، وكسرت السين وكانت مفتوحة في سنة لأن الكسرة جعلت دليلا على أنه جمع على غير ما يجب له. هذا قول البصريين ، ويلزم الفراء أن يضمّها إلّا أنّه يقول :
الضمّة دليل على الواو ، وقد حذف من سنة واو في أحد القولين ولا يضمها أحد علمناه. (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) ويقال : من قبل ومن بعد ، وحكى الكسائي عن بعض بني أسد. (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) (١) الأول مخفوض منون والثاني مضموم بلا تنوين. وحكى الفراء (٢) ، «من قبل ومن بعد» مخفوضين بغير تنوين ، وللفراء في هذا الفصل من كتابه في القرآن أشياء كثيرة ، الغلط فيها بيّن فمنها أنه زعم أنه يجوز «من قبل ومن بعد» كما قال الشاعر: [مجزوء الكامل]
٣٣٢ ـ إلّا علالة أو بداهة |
|
سابح نهد الجزاره (٣) |
وكما قال : [المنسرح]
٣٣٣ ـ يا من رأى عارضا أكفكفه |
|
بين ذراعي وجبهة الأسد (٤) |
والغلط في هذا بيّن لأنه ليس في القرآن لله الأمر من قبل ومن بعد ذلك ، فيكون مثل قوله : «بين ذراعي وجبهة الأسد» ألا ترى أنك تقول : أخذته بنصف وربع الدرهم ، ولا يجوز أخذته بنصف وربع ، وتقول : قطع الله يد ورجل زيد.
ولا يجوز يد ورجل ، على أنّ هذا أيضا ليس بكثير في كلام العرب وإنما يحمل كتاب الله على الكثير والفصيح ، ولا يجوز أن يقاس عليه ما لا يشبهه ، ولو قلت :
اشتريت دار وغلام عمرو ، لم يجز عند أحد علمناه ومن ذلك أنه زعم أنه يجوز من قبل ومن بعد وأنت تريد الإضافة وهذا نقض الباب كلّه لأن الضمّ إنما كان فيه لعدم الإضافة وإرادتها ، فإذا خفضت وأنت تريدها تناقض الكلام وإنما يجوز «من قبل ومن بعد» على
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٢٠.
(٢) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٢٠.
(٣) الشاهد للأعشى في ديوانه ص ٢٠٩ ، والكتاب ١ / ٢٣٧ ، وخزانة الأدب ١ / ١٧٢ ، والخصائص ٢ / ٤٠٧ ، وسرّ صناعة الإعراب ١ / ٢٩٨ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ١١٤ ، وشرح المفصل ٣ / ٢٢ ، والشعر والشعراء ١ / ١٦٣ ، ولسان العرب (جزر) ، و (علل) و (بده) ، والمقاصد النحوية ٣ : ٤٥٣ ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ٢ / ٦٢٦ ، ورصف المباني ٣٥٨ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١١٨ ، والمقتضب ٤ / ٢٢٨ والمقرب ١ / ١٨٠.
(٤) الشاهد للفرزدق في ديوانه ٢١٥ ، والكتاب ١ / ٢٣٩ ، وخزانة الأدب ٢ / ٣١٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٩٩ ، وشرح المفصل ٣ / ٢١ والمقاصد النحوية ٣ / ٤٥١ ، والمقتضب ٤ / ٢٢٩ ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١ / ١٠٠ ، وتخليص الشواهد ٨٧ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٨٧ ، والخصائص ٢ / ٤٠٧ ، ورصف المباني ص ٣٤١ ، وسرّ صناعة الأعراب ٢٩٧ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣٣٦ ، وشرح عمدة الحافظ ٥٠٢ ، ولسان العرب (بعد) و (يا).