والشعر منصوب وعلته في «إنّ» أنها لا تنصرف.
(قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ) أي المتعرّضين لأن يصدّوا الناس عن النبي. مشتقّ من عاقني عن كذا أي صرفني عنه ، وعوّق على التكثير. (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا) على لغة أهل الحجاز وغيرهم يقول : هلمّوا للجماعة وهلمّي للمرأة ؛ لأن الأصل ها التي للتنبيه ضمّت إليها «لمّ» ثم حذفت الألف استخفافا ، وبنيت على الفتح ولم يجز فيها الكسر ولا الضم لأنها لا تتصرّف. ومعنى «هلمّ» أقبل.
(أَشِحَّةً) نصب على الحال. قال أبو إسحاق : ونصبه عند الفراء (١) من أربع جهات : إحداهما أن يكون على الذمّ ، ويجوز عنده أن يكون نصبا يعوّقون أشحّة ، ويجوز عنده أن يكون التقدير : والقائلين أشحّة ، ويجوز عنده ولا يأتون البأس إلّا قليلا يأتونه أشحّة أي أشحّة على الفقراء بالغنيمة جبناء. قال أبو جعفر : لا يجوز أن يكون العامل فيه المعوّقين ولا القائلين لئلّا يفرّق بين الصلة والموصول (فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) وصفهم بالجبن ، وكذا سبيل الجبان ينظر يمينا وشمالا محدّدا بصره وربّما غشي عليه (فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) وحكى الفراء صلقوكم (٢) بالصاد. وخطيب مسلاق ومصلاق إذا كان بليغا. (أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا) أي وإن كان ظاهرهم الإيمان فليسوا بمؤمنين لأن المنافق كافر على الحقيقة وصفهم الله جلّ وعزّ بالكفر. (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) أي يقول الحقّ.
(يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا) أي لجبنهم. وقرأ طلحة وإن يأت الأحزاب يودّوا لو أنهم بدّا (٣) في الأعراب يقال : باد وبدّا بالقصر مثل غاز وغزّى ويمدّ مثل صائم وصوّام. وقرأ الحسن وعاصم الجحدري يسّاءلون عن أنبائكم (٤) والأصل يتساءلون
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٣٨.
(٢) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٣٩ ، والبحر المحيط ٧ / ٢١٥.
(٣) انظر مختصر ابن خالويه ١١٩.
(٤) انظر البحر المحيط ٧ / ٢١٥ ، ومعاني الفراء ٢ / ٣٣٩.