خفّفت النون الأولى لأنها بمنزلة واو المذكر ، تقول في المذكر واذكروا ، وثقّلت في الثاني لأنهما بمنزلة الميم والواو في قولك : في بيوتكم إلّا أن الواو يجوز حذفها لثقلها ، وأنّ قبلها ميما يدلّ عليها. (مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ) أكثر أهل التفسير على أنّ الحكمة هاهنا السّنة وبعضهم يقول : هي من الآيات.
(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ) اسم إن. (وَالْمُسْلِماتِ) عطف عليه ، ويجوز رفعهن عند البصريين. فأما الفراء فلا يجيزه إلّا فيما لا يتبيّن فيه الإعراب. (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ) التقدير والحافظاتها ثم حذف ، ويجوز على هذا : ضربني وضربت زيد ، فإن لم تحذف قلت : وضربته ومثله : ونخلع ونترك من يفجرك ، وإن لم تحذف قلت :
وتتركه. وحكى سيبويه (١) : متى ظننت أو قلت زيدا منطلقا ، فإن لم تحذف قلت : متى ظننت أو قلت هو زيدا منطلقا ، وإن شئت قلت متى ظننت أو قلته زيدا منطلقا. فهذا كلّه على إعمال الأول ، فإن أعملت الثاني قلت: متى ظننت أو قلت زيد منطلق. هذه اللغة الجيدة ، وإن شئت قلت : متى ظننت أو قلت زيدا منطلقا ، على إعمال الثاني وتكون قلت عاملة كظننت. (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ) مثله قال مجاهد : لا يكون ذاكرا الله كثيرا جلّ وعزّ قائما وجالسا ومضطجعا. وقال أبو سعيد الخدري : من أيقظ أهله بالليل فصلّيا أربع ركعات كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات.
(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً) قال الحسن : ليس لمؤمن ولا مؤمنة إذا أمر الله بأمر ورسوله بأمر أن يعصياه ، وقرأ الكوفيون (٢) (أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) وهو اختيار أبي عبيد لأنه قد فرق بين المؤنّث وبين فعله. قال أبو جعفر : القراءة بالياء جائزة فأما أن تكون مقدّمة على التاء فلأن اللفظ مؤنث فتأنيث فعله حسن ، والتذكير على أنّ (الْخِيَرَةُ) بمعنى التخيّر.
__________________
(١) انظر الكتاب ١ / ١٧٨.
(٢) انظر تيسير الداني ١٤٥.