وعزّ عليهم في أزواجهم أنه لا نكاح إلا بولي وشاهدين عدلين وصداق ، وأن لا يتزوج الرجل أكثر من أربع ، وقال غيره : يدلّ على هذا (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) [النور : ٣٢] ،
(وَلا تَعْضُلُوهُنَ) [النساء : ١٩] (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الطلاق : ٣٢] مع ما يقوّي ذلك الحديث عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم (وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) فالذي فرض فيه ألّا يحلّ من النساء إلّا سبي من لا ذمة له (لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) أي لا تتعدّ هذا ، وقيل : هو راجع على قوله : (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ) وما بعده.
ترجئ من تشاء منهنّ بالهمزة من أرجأت الأمر إذا أخّرته. ويقرأ (تُرْجِي) (١) بغير همز. وقد تكلم النحويون في الحيلة له فقال بعضهم : هي لغة وإن كانت ليست بالفصيحة ، ومنهم من قال : على بدل الهمزة على لغة من قال : قريت. قال أبو جعفر :
وسمعت علي بن سليمان يقول : الصحيح من قول سيبويه أنه لا يجيز بدل الهمزة لأن أبا زيد قال له : من العرب من يقول في قرأت قريت مثل رميت فقال سيبويه : كيف يقولون في المستقبل؟ قال : يقولون يقرأه قال له سيبويه : كان يجب أن يقولوا : يقرى مثل رميت أرمي. قال أبو الحسن : وهذا من كلام سيبويه يدلّ على أنه لا يجوز عنده ، قال : وسمعت محمد بن يزيد يقول : هو من رجا يرجو مشتق ، يقال : رجا وأرجيته أي جعلته يرجو. (ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَ) قد ذكرناه (٢). وقيل فيه : ذلك أقرب ألّا يحزن إذا لم تجتمع أحداهن مع الأخرى ، وتعاين الأثرة والميل. (وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَ) على توكيد المضمر أي ويرضين كلّهن ، وأجاز أبو حاتم وأبو إسحاق (وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَ) على التوكيد للمضمر الذي في «آتيتهنّ» ، والفراء (٣) لا يجيزه لأن المعنى ليس عليه إذ كان المعنى وترضى كلّ واحدة منهن ، وليس المعنى بما أتيتهن كلّهن. قال أبو جعفر : والذي قال حسن.
(لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) قال الفراء (٤) : اجتمعت القراء على القراءة بالياء
__________________
(١) انظر مختصر ابن خالويه ١٢٠ ، والبحر المحيط ٧ / ٢٣٤.
(٢) انظر إعراب الآية ٣٣ ـ الأحزاب.
والبحر المحيط ٧ / ٢٣٥.
(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٤٣٦.
(٤) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٤٦.