يحيى أنه أجاز : زيد قام بمعنى قام زيد. قال أبو جعفر : ويبيّن لك فساد هذا قول العرب : الزيدان قاما ، ولو كان كما قال لقيل : الزيدان قام. (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ) بمعنى والذين يعملون السيئات فتكون السيئات مفعولة ، ويجوز أن يكون التقدير والذين يسيئون فيكون السيئات مصدرا (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) خبر «الذين. (وَمَكْرُ أُولئِكَ) مبتدأ ، وهو ابتداء ثان و (يَبُورُ) خبر الثاني ، ويجوز أن يكون خبرا عن الأول ، ويكون هذا زائدة. وتقول : بار يبور إذا هلك ومنه بارت السوق ، ونعوذ بالله جلّ وعزّ بوار الأيّم.
(وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) قال سعيد عن قتادة قال : يعني آدم صلىاللهعليهوسلم والتقدير على هذا خلق أصلكم من تراب. (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) قال : أي التي أخرجها من ظهور آبائكم. (ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً) قال : أي زوّج بعضكم بعضا. (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ). حدّثنا علي بن الحسين عن الحسن بن حمد قال : حدّثنا ابن عوانة عن عطاء ابن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : وما يعمّر من معمّر إلّا كتب عمره كم هو سنة؟ كم هو شهرا؟ كم هو يوما؟ وكم هو ساعة؟ ثم يكتب عند عمره نقص كذا نقص كذا حتى يوافق النقصان العمر. ومذهب الفراء في معنى (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ) أي ما يطوّل من عمره وما ينقص من عمره يعني آخر أي ولا ينقص الآخر من عمر ذاك (إِلَّا فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) والفعل منه يسر ، ولو سمّيت به إنسانا انصرف لأنه فعيل.
(وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ) روى ابن عباس قال : فرات حلو ، وأجاج :
مالح مرّ. وقرأ طلحة (وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) (١) بفتح الميم وكسر اللام بغير ألف ، وأما المالح فهو الذي يجعل الملح لإصلاح الشيء. (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا) لا اختلاف في هذا أنّه منهما جميعا. (وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) مذهب أبي إسحاق أن الحلية إنما تستخرج من الملح فقيل : منهما لأنهما مختلطان ، وقال غيره : إنما تستخرج
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٧ / ٢٩١ ، والمحتسب ٢ / ١٩٩.