(إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) وقرأ عاصم (فَعَزَّزْنا) (١) وربما غلط في هذا بعض الناس فتوهّم أنه من عز يعزّ ، وليس منه إنما هو من قول العرب : عازّني فلان فعززته أعزّه أي غلبته وقهرته وله نظائر في كلامهم ، وتأول الفراء (٢) (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) أنّ الثالث أرسل قبل الاثنين وأنه شمعون وإنّ معنى فعزّزنا به أنّه غلبهم.
والظاهر يدلّ على خلاف ما قال ، ولو كان كما قال لكان الأولى في كلام العرب أن يقال: بالثالث إذ كان قد أرسل قبل ، كما يقال : في أول الكتاب سلام عليك وفي آخره والسلام ، وكما يقال : مررت برجل من قصّته كذا فقلت للرّجل.
(قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) مبتدأ وخبره.
قال الفراء : (لَنَرْجُمَنَّكُمْ) أي لنقتلنّكم قال : وعامة ما في القرآن من الرجم معناه القتل.
(قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ) فيه سبعة أوجه من القراءات (٣) : قرأ أهل المدينة أين ذكرتم بتخفيف الهمزة الثانية ، وقرأ أهل الكوفة (أَإِنْ) بتحقيق الهمزتين ، والوجه الثالث أاإن بهمزتين بينهما ألف ، أدخلت الألف كراهة للجمع بين الهمزتين ، والوجه الرابع أاإن بهمزة بعدها ألف وبعد الألف همزة مخففة ، والقراءة الخامسة أان ذكرتم بهمزتين إلا أنّ الثانية همزة مخففة ، والوجه السادس أأن بهمزتين محققتين مفتوحتين. حكى الفراء (٤) : أنّ هذه قراءة أبي رزين. وقرأ عيسى بن عمر والحسن البصري قالوا طائركم معكم أين ذكّرتم بمعنى حيث والمعنى : أين ذكّرتم تطيّركم معكم. ومعنى أأن ألأن ، وقرأ يزيد بن القعقاع والحسن وطلحة ذكرتم (٥)
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٤٩ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥٣٩.
(٢) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٧٣.
(٣) انظر القراءات في البحر المحيط ٧ / ٣١٤ ، ومختصر ابن خالويه ١٢٥ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥٤٠.
(٤) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٧٤.
(٥) انظر المحتسب ٢ / ٢٠٥ ، والبحر المحيط ٧ / ٣١٤.