(وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ) قيل : المعنى لا يكترثون بذلك ولا يعبئون به ولا يؤمنون.
قال ابن عباس : فما آمن منهم أحد.
(إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ) أي إنّما ينتفع بالإنذار. قال أبو إسحاق : ومعنى (وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) خاف الله جلّ وعزّ من حيث لا يراه أحد إلّا الله عزوجل.
(فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) قال الضحاك عن ابن عباس في معنى كريم : أي حسن ، وقيل : يراد به الجنة والله جلّ وعزّ أعلم.
الأصل في (إِنَّا) إنّنا حذفت النون لاجتماع النونات (نُحْيِ) حذفت منه الضمة لثقلها ، ولا يجوز إدغام الياء في الياء هاهنا لئلّا يلتقي ساكنان. (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ) أي ذكر ما قدّموا ، وأقيم المضاف إليه مقام المضاف ، وتأوله ابن عباس بمعنى خطاهم إلى المساجد. وهو أولى ما قيل فيه ؛ لأنه قال : إنّ الآية نزلت في ذلك لأن الأنصار كانت منازلهم بعيدة من المسجد. وفي حديث عمرو بن الحارث عن أبي عشانة عن عقبة بن عامر عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «يكتب له برجل حسنة ، ويحطّ عنه برجل سيئة ذاهبا وراجعا إذا خرج إلى المسجد» (١) وتأوّله غير ابن عباس «ونكتب ما قدّموا وآثارهم» يعني نكتب ما قدّموا من خير وما سنّوا من سنة حسنة يعمل بها بعدهم. وواحد الآثار :
أثر ، ويقال : إثر. (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ) منصوب على إضمار فعل ، ويجوز رفعه بالابتداء إلّا أنّ نصبه أولى ليعطف ما عمل فيه الفعل على ما عمل فيه الفعل. وهذا قول الخليل وسيبويه رحمهماالله. قال مجاهد : (فِي إِمامٍ مُبِينٍ) في اللوح المحفوظ.
(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) قال أبو إسحاق : أي اذكر لهم مثلا ، والضرب هو المثال والجنس ، يقال : هذا من ضرب هذا ، أي من مثال هذا وجنسه والمعنى : ومثّل لهم مثلا. (أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) بدل من مثل فالمعنى مثل أصحاب القرية. (إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ) أي جاء أهلها المرسلون.
__________________
(١) أخرجه ابن ماجة في سننه ـ المساجد ١ / ٢٥٤ ، والترمذي في سننه ٣ / ٨٣ ، وأحمد في مسنده ٤ / ١٥٦.