(فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ) فخاطبها كما يخاطب من يعقل ، لأنهم أنزلوها بتلك المنزلة في عبادتهم إياها ، وكذا «قال ألا تأكلون» متعجبا منها ، وكذا (ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ) وكذا (فَراغَ عَلَيْهِمْ) ولم يقل : عليها ولا عليهنّ (ضَرْباً) مصدر ، وقرأ مجاهد ويحيى بن وثاب والأعمش (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ) (١) بضم الياء وزعم أبو حاتم أنه لا يعرف هذه اللغة وقد عرفها جماعة من العلماء منهم الفراء وشبّهها بقولهم : أطردت الرجل ، أي صيّرته إلى ذلك وطردته نحّيته. وأنشد هو وغيره : [الطويل]
٣٧١ ـ تمنّى حصين أن يسود جذاعه |
|
فأضحى حصين قد أذلّ وأقهرا (٢) |
أي صيّر إلى ذلك فكذا «يزفّون» يصيرون إلى الزفيف. قال محمد بن يزيد :
الزفيف : الإسراع ، وقال أبو إسحاق : الزفيق : أول عدو النعام. قال أبو حاتم : وزعم الكسائي أنّ قوما قرءوا (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ) (٣) من وزف يزف مثل وزن يزن فهذه حكاية أبي حاتم ، وأبو حاتم لم يسمع من الكسائي شيئا. وروى الفراء (٤) وهو صاحب الكسائي عن الكسائي أنه لا يعرف «يزفون» مخفّفة. قال الفراء : وأنا لا أعرفها. قال أبو إسحاق :
وقد عرفها غيرهما أنه يقال : وزف يزف إذا أسرع ، ولا أعلم أحدا قرأ «يزفون».
ويقال : نحت ينحت وينحت ؛ لأنه فيه حرف من حروف الحلق.
«ما» في موضع نصب أي : وخلق ما تعلمون ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بيعملون أي : وأيّ شيء تعملون.
قال عبد الله بن عمرو بن العاص : فلمّا صار في البنيان قال : حسبي الله ونعم الوكيل.
والأصل إنّني حذفت لاجتماع النونات.
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٧ / ٣٥١.
(٢) الشاهد للمخبل السعدي في ديوانه ٢٩٤ ، ولسان العرب (قهر) و (جذع) ، وتهذيب اللغة ٥ / ٣٩٥ ، وتاج العروس (قهر) و (جذع) ، وبلا نسبة في مقاييس اللغة ٥ / ٣٥ ، ومجمل اللغة ٤ / ١٢٨ ، وديوان الأدب ٢ / ٢٩٩ ، والمخصّص ٣ / ١٣٠.
(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٨٩.
(٤) انظر معاني الفراء ٢ / ٣٨٩.