(هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ) ابتداء وخبره أي مقتحم معكم النار. والتقدير : يقال لهم :
هذا فوج يدخل معكم النار فيقول الذين في النار (لا مَرْحَباً بِهِمْ) و «مرحبا» منصوب على المصدر وبمعنى لا أصبت رحبا أي سعة. قال الفوج : (بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا) أي دعوتمونا إلى العصيان. (فَبِئْسَ الْقَرارُ) أي استقرارنا.
(قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا) (١) قال الفراء (٢) : أي من شرّع لنا هذا وسنّه ، وقال غيره :
أي من قدّم لنا هذا العذاب بدعائه إيّانا إلى المعاصي. (فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) أي عذابا بكفره وعذابا بدعائه إيّانا فصار ذلك ضعفا.
(وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً) (ما) في موضع رفع و (لا نَرى) في موضع نصب على الحال.
(أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا) بضم السين قراءة الحسن ومجاهد وأبي جعفر وشيبة ونافع وعاصم وابن عامر على الاستفهام وسقطت ألف الوصل لأنه قد استغني عنها ، وقرأ ابن كثير والأعمش وأبو عمرو وحمزة والكسائي اتّخذناهم على أنها ألف وصل في اتّخذناهم ، يكون «اتخذناهم» نعتا للرجال ، وأبو عبيد وأبو حاتم يميلان إلى هذه القراءة واحتجّا جميعا بأن الذين قالوا هذا قد علموا أنهم اتّخذوهم سخريّا فكيف يستفهمون فالا وقد تقدم الاستفهام. قال أبو جعفر : هذا الاحتجاج لا يلزم ، ولو كان واجبا لوجب في مالنا ، ولكن الاستفهام هاهنا على ما قاله الفراء (٣) (٤) فيه. قال : هو بمعنى التوبيخ والتعجب (الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) إذا قرأت بالاستفهام كانت أم للتسوية ، وإذا كانت بغير استفهام فهي بمعنى أبل.
بمعنى هو تخاصم ، ويجوز أن يكون بدلا من الحقّ ، ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر ، ويجوز أن يكون بدلا من ذلك على الموضع.
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٥٢.
(٢) انظر معاني الفراء ٢ / ٤١١.
(٣) انظر تيسير الداني ١٥٢.
(٤) انظر معاني الفراء ٢ / ٤١١.