وربّما أنكر هذا من لا يعرف اللغة ، وهذا قول صحيح والمعنى مغاضبا من أجل ربه ، كما تقول : غضبت لك أي من أجلك. والمؤمن يغضب لله جلّ وعزّ إذا عصي. وأكثر أهل اللغة يذهب إلى أن قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم لعائشة رضي الله عنها : «اشترطي لهم الولاء» من هذا. وقال الضحاك : (إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً) أي لقومه فيكون معنى هذا أنه غاضبهم لعصيانهم. وقال الأخفش : إنّما غاضب بعض الملوك. وقرأ الحسن فظنّ أن لن يقدر عليه (١) وقرأ يعقوب القارئ فظنّ أن لن يقدر عليه (٢).
(وَزَكَرِيَّا) بمعنى واذكر.
وقد ذكرنا أنّ معنى (وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ) أنها كانت سيئة الخلق ، وقال سعيد بن جبير: إنها كانت لا تلد. قال أبو إسحاق : (وَيَدْعُونَنا رَغَباً) على أنه مصدر ورغبا بخلاف ، ورغبا مثل بخلا.
(وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) في موضع نصب بمعنى واذكر (وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ) ولم يقل : آيتين. قال أبو إسحاق : لأن الآية فيهما واحدة لأنها ولدته من غير فحل. وعلى مذهب سيبويه أنّ التقدير : وجعلناها آية للعالمين ، وجعلنا ابنها آية للعالمين ثم حذف ، وعلى مذهب محمد بن يزيد أن المعنى وجعلناها آية للعالمين وابنها مثل (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) [التوبة : ٦٢]. وفي قصة ذي النون حرف مشكل الإعراب على قراءة عاصم. وكذلك نجّي المؤمنين (٣) بنون واحدة لأنها في المصحف كذا. وتكلم النحويون في هذا فقال بعضهم : هو لحن لأنه نصب اسم ما لم يسم فاعله. وكان أبو إسحاق يذهب إلى هذا القول. وذهب الفراء (٤) وأبو عبيد إلى أنّ المعنى : وكذلك نجّي النجاء المؤمنين. قال أبو إسحاق : هذا خطأ لا يجوز ضرب زيدا. المعنى الضرب زيدا ؛ لأنه لا فائدة فيه إذ كان ضرب يدلّ على الضرب ، ولأبي
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٦ / ٣١١.
(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٣١١.
(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٢١٠ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد.
(٤) انظر معاني الفراء ٢ / ٢١٠.