مثل هذا لم يصل إلى قطع النصر. وقرأ أهل الكوفة بإسكان اللام. وهذا بعيد في العربية ؛ لأن ثمّ ليست مثل الواو والفاء لأنها يوقف عليها وتنفرد.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا) خبر «إن». (إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ) قال الفراء (١) ولا يجوز في الكلام : إنّ زيدا إنّ أخاه منطلق ، فزعم أنه إنما جاز في الآية لأن في الكلام معنى المجازاة أي من آمن ، ومن تهوّد ، أو تنصّر ، أو صبأ ، ففصل ما بينهم وحسابهم على الله عزوجل ، وردّ أبو إسحاق على الفراء هذا واستقبح قوله : إنّ زيدا إنّ أخاه منطلق. قال : لأنه لا فرق بين زيد وبين الذي ، «وإنّ» تدخل على كل مبتدأ فتقول : إنّ زيدا هو منطلق ، ثم تأتي بإنّ فتقول: إنّ زيدا إنّه منطلق.
معطوفة على «من» وكذا (وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) ثم قال جلّ وعزّ : (وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) وهذا مشكل من الإعراب. فيقال : كيف لم ينصب ليعطف ما عمل فيه الفعل على ما عمل فيه الفعل مثل (وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) [الإنسان : ٣١] فزعم الكسائي والفراء (٢) أنه لو نصب لكان حسنا. ولكن اختير الرفع لأنّ المعنى : وكثير أبى السجود ، وفي رفعه قول آخر ، يكون معطوفا على الأول داخلا في السجود ؛ لأن السجود هاهنا إنّما هو الانقياد لتدبير الله جل وعز من ضعف وقوّة وصحّة وسقم وحسن وقبح ، وهذا يدخل فيه كل شيء. وحكى الكسائي والأخفش والفراء (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) (٣) أي من إكرام.
قرأ ابن كثير وشبل (هذانِ خَصْمانِ) بتشديد النون ، وفي ذلك قولان : أحدهما أن تشديدها عوض مما حذف من هذين ، والآخر على أنها غير ساقطة في الإضافة. وتأوّل
__________________
(١) انظر معاني الفراء ٢ / ٢١٨.
(٢) انظر معاني الفراء ٢ / ٢١٩.
(٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٣٤.