وعزّ ، ويكون موافقا لقراءة أبيّ ، وذلك أن جرير بن حازم قال : رأيت في مصحف أبيّ ليوفيهم الله الحقّ دينهم (١) وهذا الكلام من أبي عبيد غير مرضيّ لأنه احتجّ لما هو مخالف للسواد الأعظم ، ولا حجة فيه أيضا لأنه لو صحّ هذا أنّ في مصحف أبيّ كذلك جاز أن تكون القراءة : يومئذ يوفّيهم الله الحقّ دينهم يكون دينهم بدلا من الحق على أن قراءة العامة (دِينَهُمُ الْحَقَ) يكون «الحقّ» نعتا لدينهم والمعنى حسن لأنّ الله جل وعز قد ذكر المسيئين فاعلم أنه يجازيهم بالحق ، كما قال جلّ وعزّ : (وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) [سبأ : ١٧] لأن مجازاة الله جلّ وعزّ للكافر والمسيء بالحقّ والعدل ، ومجازاته للمحسنين بالفضل والإحسان.
(الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ) قد ذكرنا فيه أقوالا : فمن أحسن ما قيل فيه :
أنّ المعنى الزناة للزناة على ما كان التعبّد مبرئا.
(لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) قال عكرمة : أي حتى تستأذنوا وحقيقته في اللّغة تستعملوا مشتقّ من آنست الشيء أي استعملته. (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) أي من الدخول بغير استئذان لما فيه من التّهمة (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) أي تنتبهون على ما لكم فيه الصّلاح.
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) «من» هاهنا لبيان الجنس وكذا (يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ)
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٠٥ ، ومختصر ابن خالويه ١٠١.