(ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (١٧)
اسم ما لم يسمّ فاعله على قول سيبويه (١) في الجملة وكذا قال في (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ)] يوسف : ٣٥] في موضع الفاعل. وهذا عند أبي العباس خطأ ؛ لأن الجملة لا تقوم مقام الفاعل ولكن الفعل دلّ على المصدر ، وقام المصدر مقام الفاعل.
(كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨) وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ) (١٩)
(وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ) (١٩) فيه خمسة أقوال وفي إعرابه قولان فأكثر أهل التفسير منهم كعب ومجاهد وزيد بن أسلم يقولون : علّيّون السماء السابعة ، وحكى الفرّاء (٢) إنه السماء الدنيا ، وقال قتادة : قائمة العرش اليمنى ، وقال الضحّاك : علّيّون سدرة المنتهى وقيل : علّيّون الملائكة. قال أبو جعفر. القول الأول عليه الجماعة فأما الإعراب فالقولان اللذان فيه أحدهما أن عليين أشبه عشرين وما أشبهها ؛ لأنه لا واحد له ، وإنما هو بمعنى من علوّ إلى علو فأعرب كإعراب عشرين. قال أبو جعفر : فهذا قول موافق لتأويل الذين قالوا علّيّون السماء السابعة ، والقول الآخر أن عليين صفة للملائكة فلذلك جمع بالواو والنون.
(كِتابٌ مَرْقُومٌ) (٢٠)
أي ذلك الكتاب كتاب أي مكتوب وفسّر ذلك الضحّاك قال : إذا خرج روح المؤمن أخذه الملك فصعد به إلى السماء الدنيا فتبعه الملائكة المقربون ثم كذلك من سماء إلى سماء حتى ينتهي به إلى السماء السابعة إلى سدرة المنتهى فيوافيهم كتاب من الله جلّ وعزّ مختوم فيه أمان من الله لفلان ابن فلان من عذاب النار يوم القيامة وبالفوز بالجنة. قال ابن زيد : المقربون الملائكة.
(إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ) (٢٢)
قيل : سمّوا أبرارا لكثرة ما يأتونه من الصدق لأن الصدق يقال له برّ.
(عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) (٢٤)
(عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) (٢٣) أي إلى ما لهم من القصور والحور وغير ذلك. قال أبو جعفر : (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) (٢٤) وأجاز الفرّاء (٣) يعرف لأنه تأنيث غير حقيقي.
(يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ) (٢٥)
__________________
(١) انظر الكتاب ٣ / ١٢٤.
(٢) انظر معاني الفراء ٣ / ٢٤٧.
(٣) انظر معاني الفراء ٣ / ٢٤٨.