وقول مجاهد أيضا يدلّ على هذا قال : تسنيم علو وكذا الاشتقاق يقال : تسنّمت الماء أتسنّمه تسنيما إذا أجريته من موضع عال ، وقبر مسنم أي مرتفع ، ومن هذا سنام البعير فإن قال قائل فلم انصرف تسنيم وهو معرفة اسم للمؤنث؟ قيل : تقديره أنه اسم لمذكّر للماء الجاري من ذلك الموضع العالي ومعنى عينا جاريا فقد صارت في موضع الحال.
(إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) (٢٩)
(إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) أي اكتسبوا الإثم. يقال : جرم وأجرم إذا اكتسب إلا أنّ الأكثر في اكتساب الإثم أجرم وفي غيره جرم. (الَّذِينَ) اسم إنّ (أَجْرَمُوا) صلته (كانُوا) خارج من الصلة لأنه خبر «إن» أي كانوا في الدنيا (مِنَ الَّذِينَ) صدقوا بتوحيد الله (يَضْحَكُونَ) استهزءوا بهم ويروى أن أبا جهل وأصحابه ضحكوا واستهزءوا بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وأصحابه.
(وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ) (٣٠)
استهزءوا بهم.
(وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ) (٣١) (١)
وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس فاكهين يقول معجبين. قال أبو جعفر : أي معجبين بما يفعلون مسرورين به ، وقال ابن زيد : فاكهين ناعمين ، وزعم الفرّاء (٢) أن فاكهين بمعنى واحد وحكى أبو عبيد أن أبا زيد الأنصاري حكى عن العرب أن الفكه الضحوك الطيب النفس. قال محمد بن يزيد : كان الأصمعي يرفع بأبي زيد في اللغة ويذكر محلّه وتقدّمه ويذكر صدقه وأمانته قال: وكان خلف بن حيان أبو محرز على جلالته يحضر حلقته.
(وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ) (٣٢)
هذا قول الكفار في الدنيا أي لضالّون عن طريق الصواب.
(وَما أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حافِظِينَ) (٣٣)
أي لم يرسلوا ليحفظوا عليهم أعمالهم وإنما أمروا بطاعة الله تعالى.
(فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) (٣٦)
(فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) (٣٤) وذلك بعد دخولهم الجنة. قال ابن عباس : يفتح لهم أبواب إلى النار فينظرون إلى الذين كانوا يسخرون في الدنيا
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٧٩ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٣٥.
(٢) انظر معاني الفراء ٣ / ٢٤٩.