(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) (٤)
قال أبو جعفر : قد ذكرناه ، ومن أبين ما قيل في معناه قول عطاء قال : في كبد في مكابدة للأمور. قال الحسن : يكابد السرّاء والضرّاء ، وليس أحد يكابد الأمور ما يكابد ابن آدم ، وقال سعيد بن أبي الحسن : يكابد أمر الدنيا وأمر الآخرة وقال مجاهد : يكون نطفة وعلقة ولا يزال في مكابدة. فهذه الأقوال ترجع إلى معنى واحد ، وهو أبين ما قيل فيها أي يكابد الأمور ويعالجها. فهذا الظاهر من كلام العرب في معنى كبد. قال ذو الإصبع العدواني :] البسيط]
٥٦٣ ـ لي ابن عمّ لو أنّ النّاس في كبد |
|
لظلّ محتجرا بالنّبل يرميني (١) |
وقال لبيد :] المنسرح]
٥٦٤ ـ قمنا وقام الخصوم في كبدي (٢)
(أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) (٥)
قيل يعني بهذا الكافر أي أيحسب أن لن يقدر الله عليه فيعاقبه فخبر جلّ ثناؤه بجهله.
(يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) (٦)
قيل : يدافع بهذا عن فعل الخيرات ، وقيل : قال هذا تندّما ، ويدلّ على هذا الجواب ما بعده. قال أبو جعفر : يكون لبد جمع لبدة ، وقد يكون واحدا مثل حطم ، وروي عن أبي جعفر أنه قرأ لبدا جمع لا بد ، وعن مجاهد أنه قال قرأ لبدا جمع لبود ، ولا نعلم اختلافا في معناه أنه الكثير.
(أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) (٧)
والأصل يرأه قلبت حركة الهمزة على الراء فانفتحت وسقطت الهمزة. قال أبو جعفر : وما علمت أحدا من النحويين تكلّم في علّة الهمزة لم تسقط إذا ألقيت حركتها على ما قبلها إلّا علي بن سليمان ، سألته عنه قال : لمّا سقطت حركة الهمزة وسكنت وكانت الراء قبلها ساكنة فحرّكت حركة عارضة فكان حكمها حكم الساكن وبعدها ساكن فحذف ما بعدها وهو الهمزة.
__________________
(١) الشاهد في ديوان المفضليات ٣٢٦ ، والمقاصد النحوية ٣ / ٢٨٨.
(٢) الشاهد للبيد في ديوانه ١٦٠ ، وتذكرة النحاة ص ١١٨ ، والخصائص ٣ / ٣١٨ ، ولسان العرب (كبد) ، وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٢٠٥ ولسان العرب (عدل) ، وصدره :
«يا عين هلّا بكيت أربد إذ»