(أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ) (٩)
اللّسان يذكّر ويؤنّث فمن ذكره جمعه ألسنة ، ومن أنّثه قال : ألسن. قال : وفي تصغيره لسيّن بتشديد الياء ولسينة بتخفيفها. والأصل في شفة شفهة ، والدليل على ذلك جمعها وتصغيرها واشتقاق الفعل منها.
(وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (١٠)
مفعول ثان حذفت منه إلى على قول البصريين ، وكذا أنشد سيبويه :] الكامل]
٥٦٥ ـ كما عسل الطّريق الثّعلب (١)
عنده أنه حذف منه الحرف ، وعند الكوفيين أنه ظرف مثل أمام وقدام.
(فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) (١١)
يقال : سبيل «لا» في مثل هذا أن تأتي متكررة مثل (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى)] القيامة : ٣١] ، وأن سيبويه قد أجاز إفرادها ، وأنشد :] مجزوء الكامل]
٥٦٦ ـ من صدّ عن نيرانها |
|
فأنا ابن قيس لا براح (٢) |
وخالفه محمد بن يزيد وجعل هذا اضطرارا. فأما الآية ففيها معنى التكرير ؛ لأنه جلّ وعزّ قد بيّن معنى العقبة بما هو مكرّر. قال قتادة : النار عقبة دون الجنة.
(وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ) (١٣)
التقدير اقتحام العقبة أن يفكّ رقبة كما روى أبو هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم «من أعتق رقبة أعتق الله سبحانه بكل عضو منها عضوا منه من النار» (٣) قال أبو هريرة : حتّى ذكره بذكره ، وقرأ الحسن وأبو رجاء وأبو عمرو وابن كثير والكسائي (فَكُ) (٤) (رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) ثم تكلّم النحويون في هذا فاختار الفرّاء (٥) هذه القراءة واحتج بأن بعده ثم كانّ أي فلمّا عطف بكان وهي فعل ماض على الأول وجب أن يكون «فكّ» ليعطف فعلا ماضيا على فعل ماض ، واختار الأخفش وأبو حاتم وأبو عبيد القراءة الأخرى. قال أبو جعفر : الديانة تحظر الطعن على القراءة التي قرأ بها الجماعة ، ولا يجوز أن تكون مأخوذة إلا عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقد قالعليهالسلام : «أنزل القرآن على سبعة أحرف» (٦) فهما قراءتان حسنتان لا
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (١٤٥).
(٢) مرّ الشاهد رقم (٣).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ٨ / ١٨١ ، والترمذي في سننه ١٥٤١ ، والبغوي في شرح السنة ٩ / ٣٥١ ، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ٥ / ٢٠٢.
(٤) انظر تيسير الداني ١٨١.
(٥) انظر معاني الفراء ٣ / ٢٦٥.
(٦) أخرجه الترمذي في سننه ـ القراءات ١١ / ٦٠ وأبو داود الحديث رقم (١٤٧٥).